الاثنين، 4 مارس 2024

البديهيات ومبدأ الانفجار المنطقي Principle of explosion

 

في المنطق الكلاسيكي الرياضي لراسل وفريجه  ( وكذلك في المنطق الحدسي Intuitionistic logic  والمنطق الضبابي متعدد القيم fuzzy logic وغيرهم) لو وقع تناقضا واحدا بإثبات شيء ونقيضه (أي انتهاك لمبدأ عدم التناقض وليس الثالث المرفوع) يلزم من ذلك سقوط المنطق وانهيار النظام بأكمله وحصول التفاهة triviality أي أن يكون استنتاج أي شيء وكل شيء مباح بل ربما ضروري مبرهن وهذا يعرف أيضا باسم مبدأ الانفجار Principle of explosion

لكن ما الذي جعل وقوع تناقضا واحدا مستلزما لحصول الانفجار؟

فمثلا لو قلنا

1- كل الليمون أصفر اللون

2- كل الليمون ليس أصفر اللون

فقد نتوقع أنه من خلال هاتين المقدمتين المتناقضتين يمكننا استنباط نتيجة ما متعلقة بالليمون أو بلونه فقط أو ربما لا يمكننا استنباط أي شيء لكن كيف تقودنا المقدمات السابقة إلى استنتاج مثل:

3- العنقاء موجودة أو الفيلة تطيل أو المثلث مربع أو الواحد = اثنين .... إلخ

أو كيف يقود التناقض إلى استنتاج رقم هاتف شخص ما بشكل صحيح كما هو موضح بالصورة؟


ما هو السبب إذن في حدوث الانفجار والتفاهة triviality ؟
وما هي العلاقة بين وقوع التناقض وبين أن يصبح أي شيء وكل شيء مبرهن؟

السبب أننا إذا بنينا على المقدمة الأولى (كل الليمون أصفر اللون)  المقدمة الثانية (كل الليمون ليس أصفر اللون)

فهذا البناء في حد ذاته ينفي التراتبية المنطقية أو العلاقة الاستدلالية ويبيح لك أن تستنبط في النتيجة النهائية أيشيء وكل شيء لأن العلاقة الاستنباطية نفسها أصبحت منفية  بموجب المنطق بعد حصول هذا التناقض

فإذا كان بوسعك الاستدلال من أن كل الليمون أصفر على أن كل الليمون ليس بأصفر فيسعك بعد ذلك الاستدلال من نفس المقدمة على أي شيء آخر لأنه لن يكون أكثر تناقضا من هذا التناقض الأول.

هذا هو مبرر مبدأ الانفجار وهو أمر يشبه إلى حد كبير ما ذكرته عن لوازم افتراض سقوط السببية (متى تنهدم السببية؟)  وأنه لو افترضنا وجود شيء اخترق السببية لمرة واحدة وحصلت له النتائج بدون أسباب (وبدون خالق يهبه النتيجة فيكون فعله السبب) فإن هذا الشيء سوف يطغى ضرورة على كل شيء ويحدث كل أثر ممكن في كل زمان ومكان مما يلزم عنه استحالة انتظام أي قانون في الكون أو تمايز الأشياء واستقرار خصائصها لأنه لن يفلت شيء من تأثيرات هذا الطاغي. وذلك لأنه إذا كانت السببية هي الافتقار للأسباب فإن اختراقها يعني عدم الافتقار لأي سبب وبالتالي لن يمنع مخترق السببية غياب الأسباب عن تحصيل النتائج فيكون بذلك كلي القدرة غني عن أي سبب ولأنه غير مريد فلن يكون لقدرته أي ضابط فتصدر عنه كل التأثيرات.

والسببية بالفعل بديهة مثلها مثل عدم التناقض تماما وإن غفل عن ذلك كثير من الفلاسفة والمناطقة في بناء أطرهم المعرفية.فإثبات أن الشيء يلزم عنه نقيضه سيؤدي إلى هدم البديهيات كما أن علاقة المقدمات بالنتائج نفسها علاقة سبب ونتيجة فلو سقط الترابط المنطقي بينهما صح استنتاج أي نتيجة من أي سبب أو حتى من دون سبب فهناك توافق كبير بين فكرة الانفجار وفكرة سقوط الافتقار السببي.

لكن بعض المناطقة زعموا أن عندهم منطق استثنائي تعايش مع التناقضات بدون أن يتسبب ذلك في انهياره أو حصول الانفجار نتيجة وقوع التناقضات, وهذا المنطق هو منطق المفارقات Paraconsistent Logic

وهناك انتقادات حول هذا الزعم منها أتى من خارج المناطقة المنتسبين لمنطق المفارقات مثل انتقادات ديفيد لويس وإثباته أن مبدأ الانفجار مازال لازما لهم (1,2,3)

ومنها ما أتى من مناطقة منتسبين لمنطق المفارقات نفسه. ليوضحوا ويفسروا حقيقة التناقضات التي يسمح بها منطق المفارقات. ومن هؤلاء والتر كارنيلي أستاذ المنطق الرياضي (4) وقد بين والتر في ورقة حديثة له (5) أن التناقضات التى يسمح بها منطق المفارقات ليست تناقضات حقيقية (مثل قبول الفلسفة الجدلية الديالكتيكية dialetheism وجود تناقضات حقيقية في الواقع) وإنما هي تناقضات إبستيمية معرفية  حول أدلة إثبات الحقائق وليست تناقضات أنطولوجية حول حقائق الأشياء

فكل التناقضات التي يمكن قبولها هي  من باب المعتقدات حول الشيء وتوصيف الشيء وتضارب الأدلة حول ذلك وليس الأمر أنه إثبات لنفس الشيء ونقيضه ولذلك فهي ليست تناقضات حقيقية يستلزم وقوعها انتهاك مبدأ عدم التناقض.

كما برهن رياضيا على أن التناقضات ليست متعادلة وأن التناقضات الحقيقية مستحيل وقوعها في منطق المفارقات تماما مثل استحالتها في المنطق الكلاسيكي.

وأن التناقضات المسموح بها في منطق المفارقات هي تناقضات في أدلة الإثبات وليست تناقضات في ذات الحقائق المستدل عليها.

ومن اجل هذه البرهنة استخدم منطق المفارقات لبناء نظامين منطقيين:

النظام الأول ( BLE ) عن الدليل وما يضاده. وتكون تناقضاته غير حقيقية لأنها بمثابة تضارب الأدلة وليس الحقائق.

والنظام الثاني ( JETj) عن الحقائق ذاتها وتكون تناقضاته حقيقية.

ثم  مدد النظام الأول ليصل به إلى الثاني فظهر أن التناقضات الحقيقية ممنوعة  وأن مبدأ الانفجار يعمل. ويتسبب وقوع تناقض واحد في إنتاج أي شيء وكل شيء تماما مثلما هو الحال في المنطق الكلاسيكي.


وأختم ببعض الاقتباسات المتفرقة من الورقة لمن أراد الاطلاع عليها:

The purpose of this paper is to present a paraconsistent formal system and a corresponding intended interpretation according to which true contradictions are not tolerated. Contradictions are, instead, epistemically understood as conflicting evidence, where evidence for a proposition A is understood as reasons for believing that A is true


The main aim of this paper is to present a paraconsistent formal system, that we call the Logic of Evidence and Truth (

), and an anti-dialetheist explanation of it according to which contradictions are understood epistemically as conflicting evidence and true contradictions are not allowed.


The aim of this section is to devise a paraconsistent formal system suited to the reading of contradictions as conflicting evidence.


Hence, it seems natural to have a connective able to distinguish ‘different kinds’ of contradictions, separating the contradictions that do not lead to explosion from those that do.


As we have seen above, it cannot be that all contradictions are equivalent in a paraconsistent logic. 


There is, thus, no rivalry between classical and paraconsistent approaches, and this is made possible by the fact that, according to the proposed interpretation, classic and paraconsistent logics are ‘talking about different things’.


the consequence relation of JETj

 trivializes in the presence of a true contradiction. Therefore, Fact 16 implies that JETj

 is anti-dialetheist in the sense that it cannot tolerate any true contradiction.


A corollary of Fact 18 is that once a formula A is marked with 

, no contradiction is allowed


We have presented here an approach to paraconsistency that explicitly rejects dialetheism. According to the intended interpretation of JETj

, true contradictions are not allowed because they imply triviality (see remarks on Fact 16).



التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate