المشكلة التي يقع فيها البعض هي ظنهم أن التوكل بديل عن الأخذ بالأسباب، وهذا غير صحيح، فالله أمرنا أن نأخذ بالأسباب لأنه قدّر الأشياء بأسبابها، وأمرنا أيضاً أن نتوكل عليه لنتذكر دائماً أنه سبحانه قادر على كل شيء ومالك لكل شيء. فقد يكون السبب حاضراً ولكنه لا ينفع، وقد يغيب السبب المُفترض وجوده لتحصيل المراد فيقدر الله سبباً غير متوقع وغير قادر في الظروف العادية على تحقيق المراد، ورغم ذلك تتحقق النتيجة. وهذا حدث كثيراً ليس في حياة الأنبياء فقط، ولكن الصالحين أيضاً وعدد كبير من البشر، حيث غالباً ما كان يأتي النصر أو فك الكرب أو تحقيق الحاجة في شبه غياب للأسباب المطلوبة. أي إن الإسلام حثنا على الأخذ بالأسباب تماماً كما حثت المذاهب المادية على ذلك. لكن الإسلام أضاف لنا إضافة تجعلنا أسياداً للطبيعة بدلاً من أن نكون عبيداً لها، هذه الإضافة وهذا الفرق بيننا وبين الملاحدة هي أن الأسباب إذا غابت انقطع أمل عُباد الأسباب، وذلك بعكس المؤمنين المتوكلين على ربهم فلا يفقدوا الأمل ولا ييأسوا ويصبرون على ذلك.
والمشكلة الأخرى المتعلقة بهذا الأمر هي أن البعض يتعامل مع التوكل أو الدعاء على أنه أمر نافذ يجب على الله أن يفعله للعبد، بل يجب أن يأتي الجواب بالصورة التي طلبها العبد وبدون تأخير أيضاً. وهذا خطأ عظيم، لأن التوكل تفويض الأمر لله واستسلام له سبحانه واستعانة به ورضا بما قدّره، وكذلك الدعاء فهو رجاء من عبد لربه يزيد انكساراً وتضرعاً كلما تأخرت الإجابة، وليس أمراً من سيد لعبده يزيد غضباً وضجراً كلما تأخرت الإجابة عليه.
تعليقات
إرسال تعليق