هل يمكن ان يؤول الصراع بين الأنانية والتعاون إلى التوازن بطريقة طبيعية؟

 قد يظن البعض أن الصراع بين التعاون والأنانية هو نوع من أنواع سباق التسلح arms race

وأنه سوف يؤول في نهاية المطاف إلى التوازن وفقا للآليات المادية التطورية الداروينية.

وأن التعاون يمكنه تحقيق الاستقرار الذاتي والتغلب على تهديدات الأنانيين.

وحينها سوف يكون هناك حل مادي طبيعي لمعضلة التعاون.

لكن هذا كله غير صحيح ولذلك بدأت الحلقة الرابعة من سلسلة #معضلة_داروين_الأخيرة بمقطع فيديو للبروفيسور مارتن نواك من جامعة هارفارد وهو واحد من أهم العلماء المعاصرين في مجال الديناميكا التطورية ونظرية اللعبة (أوراقه المنشورة في أكبر مجلات علمية تم الاستشهاد بها أكثر من 153 ألف مرة ومعدل h-index 173)، يقول في ذلك المقطع:

هناك شيء واحد تعلمته في دراساتي حول التعاون على مدار العشرين عام الماضية: لا يوجد توازن.  لا يوجد توازن مستقر أبدًا.  يتم تدمير التعاون دائمًا ويجب إعادة بنائه.

يعتمد مقدار الوقت الذي تقضيه في المتوسط ​​في حالة تعاونية على مدى سرعة إعادة بنائها.  أهم جانب حقا هو مدى السرعة التي يمكنك بها الابتعاد عن مواجهة أخرى ضد استراتيجية "الأنانية الدائمة". انتهى.

فهو يرد بوضوح على هذا الظن الخاطئ المتوهم لإمكانية وقوع التوازن بين المتعاونين والأنانيين، بشكل عفوي طبيعي وينفيه تماما.

ثم يؤكد أن التعاون سيتم تدميره دائما ولن يتمكن من الصمود أبدا في هذه المواجهة. 

ثم يؤكد على ضرورة بنائه لأنه لا حياة ممكنة بدون تعاون فهو سر الحياة.

ثم يؤكد أن مدار الأمر كله على سرعة هروب المتعاون من مواجهة الأناني "وضرب مثل الأنانيين باستراتيجية الأنانية الدائمة".

تصور أن كل هذه الدقة والتشابكات الرهيبة التي نرصدها في العلاقات التعاونية إذا تتبعنا نملة أو دودة أو فيروس أو شيء، تصور أن كل هذا معلق فقط على سرعة الهروب من مواجهة الأنانيين!

وأخيرا تصور أن استراتيجية الأنانية المشروطة (التي قدمتها في ورقتي الأخيرة" أغلقت منافذ الهروب في وجه المتعاونين لتبين أن الأمر لا يمكن اسناده لأي آليات مادية طبيعية تطورية!

فإن لم يكون هناك تدبير من عليم خبير لصيانة الحياة فلا يمكن أبدا أن توجد وتستمر.


تعليقات