الثلاثاء، 24 أكتوبر 2023

نظرية التجميع Assembly Theory

تكلمت أكثر من مرة عن حجة الاحتمالات المستخدمة من البعض ضد الداروينية، والتي تخبرنا أن احتمال ظهور جزيء بروتين واحد بالصدفة يعد أمرا مستحيلا.

وقلت إن هذه الطريقة معيبة وأنها لا تأخذ في الحسبان دور الانتخاب الطبيعي وكأن الداروينية عبارة عن طفرات عشوائية فقط وهذا غير صحيح لأن الآلية الأساسية في الداروينية هي الانتخاب الطبيعي.

ومؤخرا نشر الدراونة  ( 1و2) نظرية التجميع Assembly Theory التي تحاول وضع مقياس لما يمكن أن يوجد عن طريق الانتخاب الطبيعي وما لا يمكن أن يوجد. 

وهذه النظرية تعد المنافس الدارويني لحجة الاحتمالات، وهي تتفوق عليها في أنها نجحت في تضمين مفهوم الانتخاب داخل حساباتها.

ومع ذلك فهي نظرية معيبة أيضا وهناك انتقادات ضخمة حولها حتى من الدراونة أنفسهم (3و4) رغم الضجة المتصاعدة حولها حتى أن البعض بدأ يتكلم عنها باعتبارها نظرية كل شيء المنتظرة (5)

نظرية التجميع تحاول الوصول إلى أقصر مسار يمكن أن يسلكه الانتخاب الطبيعي لتجميع مركب وظيفي ما, فمثلا جزيء ATP به 21 رابطة بين ذراته إذا هناك 21 خطوة ينبغي للانتخاب الطبيعي أن يسلكها و يكون تصنيف ATP وفقا لهذا المقياس هو 21 وأما البنسيلين مثلا فيأخذ 17 وبالتالي فهو أقرب إلى متناول الانتخاب من ال ATP  ولو أن عندنا خزينة رقمها السري 8875 إذا فتصنيفها حسب هذا المقياس هو 4 وهكذا 

وطبعا هذا لا يحل الاشكال الدارويني أبدا بل هذا يثير سؤال التعقيد الغير قابل للاختزال لأن متابعة السير في مسار معين لتحقيق هدف وظيفي ما مع تجاهل باقي المسارات الأخرى التي تنتهي بالانتخاب إلى مركبات غير وظيفية، هو جوهر حجة التعقيد الغير قابل للاختزال كما بينت هنا (6)

حجة الاحتمالات تتعامل مع الموقف بثنائية الصدفة أو الوعي ولا تلتفت إلى خيار ثالث أساسي وهو الآلية الطبيعية الغير خطية أو الغير ميكانيكية المتمثلة في الانتخاب الطبيعي

فعندما أسأل شات جي بي تي عن سؤال ما فالإجابة لم تقع بالصدفة ولم تقع نتيجة وعي أيضا وإنما وقعت وفقا لخوارزمية تعلم ذاتي غير واعية والانتخاب الطبيعي يقول بهذا الدور وهناك مقاربات كثيرة لاختباره باعتبار أنه خوارزمية تعلم ذاتي فعلا (7, 8)


بصرف النظر عن أن تلك الخوارزميات نفسها معقدة ومصممة فهذا ليس موضوعنا هنا وإنما الغرض في الدور الذي تلعبه والكيفية التي تنفذ بها المهمة المطلوبة منها


لو أردت أن أضرب مثل للخطأ في تمثيل حجة الاحتمالات لأليات التطور فيمكن أن أقول إن رمي الجمرات السبعة في مناسك الحج يتطلب أن ينتقي كل حاج من بين الحصى 7 حصاة لأداء تلك الوظيفة ولو حسبنا احتمال اختيار السبع حصاة المعينات التي قام باختيارهم كل حاج فسيكون احتمال خرافي طبعا رغم أنه وقع بالفعل وهذه هي حجة الاحتمالات التي لا تعبر عن العملية بشكل صحيح أما إذا كان هناك نوع حصى يمل إلى اللون الأحمر مثلا أو أن معظم الحصى يلتصق مع بعضه في الحرارة ما عدا نوع ما فبالتأكيد هذا النوع المنفصل او أحمر اللون سيتم اختياره أكثر رغم أن هذه العملية ليست واعية أو مقصودة ولكنها أيضا ليست صدفة لأن هناك عامل بيئي عطى ميزة ما وقام بتغيير الاحتمالات من حيث لا ندرى وهكذا يتم تضمين دور ألية طبيعية مثل الانتخاب الطبيعي تغير الاحتمالات وهذا ما لم تستوعبه حجة الاحتمالات التقليدية



التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate