الهومو ناليدي مخلوق بحجم دماغ شمبانزي وذكاء بشري





في عركة كبيرة شغالة حاليا داخل المجتمع العلمي واحنا هنا نايمين على ودانا ....

في 2013 اكتشف لي روجرز بيرغر مع فريقه  بكهف في جنوب أفريقيا حفريات تم تصنيفها كنوع جديد من أشباه البشره أطلقوا عليه حينها اسم هومو ناليدي Homo naledi ويفترض أنه قد عاش على الأرض من حوالى 350 - 250 ألف سنة وكان معاصرا للبشر والنياندرتال وبهذا أصبح بيرغر راس براس مع سفانتي بابو مكتشف النياندرتال وجائزة نوبل أصبحت  تلوح في الأفق ثم مؤخرا قدم بيرغر مع فريقه ورقة لمجلة elife  وقبل أن يتم قبول الورقة كان قد سجل عدة أفلام وثائقية حول هذا الاكتشاف الهام مع نتفليكس وغيرها من الشبكات الإعلامية  لكن منذ عدة أيام وقعت الصدمة  وتم رفض الورقة  والجميل في مجلة اي لايف أنها تنتهج نموذج خاص لنظام مراجعة الأقران فتنشر تقارير الحكام وردود المؤلفين ليتمكن الجميع من قراءتها (على عينك يا تاجر)  

طيب ايه الحكاية؟

الهومو ناليدي كان معاصرا للبشر لكنه صنف على أنه جنس آخر من أشباه البشر لأن حجم رأسه مماثل لحجم رأس الشمبانزي أي أنه ثلث حجم رأس الإنسان المعاصر تقريبا وهذا في حد ذاته علامة استفهام كبيرة على حد قول بيرغر لأنه وفقا للسيناريو الدارويني كان ينبغي أن يعيش الهومو ناليدي وينقرض  قبل ملايين السنين حينما كانت جماجم أسلاف البشر المزعومة صغيرة ثم كبرت أدمغتهم لاحقا مع الوقت مما وهبهم درجات عالية من الذكاء , فهذا أول شيء أثار ريبة الدراونة حول ناليدي لكن لا بأس فهو ليس أول ولا آخر تناقض في شجرة أسلاف البشر أو شجرة الحياة عموما.

لكن الأمر المحرج حقا هو اكتشافات بيرغر الأخيرة فقد اكتشف أن الهومو  ناليدي كانوا على درجة ذكاء عالية مثل البشر العاديين رغم حجم أدمغتهم الصغير فقد كان عندهم ثقافة كاملة وقد كانوا يستخدمون النار في الطهي بل كانوا يدفنون موتاهم في حفر يصنعونها خصيصا لهذا الغرض وكتبوا على قبورهم برموز محددة مثل المثلث والمربع والهاشتاغ أي أنهم امتلكوا لغة رمزية ومارسوا طقوسا جنائزية وهذا سلوك معقد يتطلب درجات عالية من الذكاء مما قد يعني أنهم كانوا عرق بشري عادي بل والأهم أن هذا الأمر ينسف القاعدة الداروينية المعيارية في تصنيف أحافير اشباه البشر Encephalization التي تعتمد علاقة  طردية بين الزيادة  التدريجية لحجم الدماغ و زيادة الذكاء , وتلك هي القاعدة التى شيدت عليها شجرة أسلاف البشر برمتها جنبا إلى جنب مع قاعدة Bipedalism أو قدرة السير علي قدمين .

ولو قرأت تقارير الحكام على ورقة بيرغر تجدها  كلها من عينة لعل الأمطار هي التي جمعت الهياكل معا ولعل الرموز كتبها البشر فيها بعد ولا تشعر بنقد علمي تفصيلي اللهم إلا في كلام الحكم الرابع لكنه بالغ في التشكيك لتبرير رفضه على الرغم من أن أدلة بيرغر واضحة بأن هناك فعل حفر متعمد من خلال تحليل رواسب التربة المختلطة وأن هناك هياكل مجتمعة ومحفوظة بطريقة لا تتناسب مع فرض أنها تركت لعوامل التعرية المعتادة وأن هناك عملية ترميز واضحة كتبها من يعرف مواضع القبور وما بداخلها إلى غير ذلك من الأدلة التي كان سيقبل الحكام معشارها من بيرغر ومن فريقه المكون من 37 باحث لو كان الأمر في الجانب الآخر المؤيد للفروض الداروينية التقليدية.

وبالطبع بيرغر لا يقصد إحراج الداروينية ولا انتقادها فهي مرجعيته هو أيضا , لكن هذا ما اكتشفه بالفعل فلم يكن باليد حيلة.

تعليقات