قاعدة جليلة في التفسير يذكرها العلامة ابن عثيمين



لكن هنا مسألة أحب أن أنبه عليها إني أريد منكم أن تحاولوا أولًا: فهم القرآن بأنفسكم، اقرأ الآية، تدبرْ معناها، ثم سيكون لديك شيء من المعنى، بعد ذلك ارجع إلى أقوال المفسرين؛ لأن تعويد الإنسان نفسه على أخذ المعاني -أو بعبارة ثانية على تفسير القرآن بنفسه- يكسبه فهمًا كثيرًا؛ لأنه امتثال لأمر الله ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾، لكن لا تجزم إذا كان الأمر ليس بواضح إلا بعد مراجعة كتب التفاسير.....

المسألة الثانية في التفسير: قال العلماء: يرجع أولًا إلى تفسير القرآن بالقرآن، وهذا كثير، ثم إلى تفسيره بالسنة، ثم إلى تفسيره بأقوال فقهاء الصحابة ولا سيما من لهم عناية بتفسير القرآن كابن عباس وابن مسعود، ثم إلى كبار التابعين الذين تلقوا التفسير عن الصحابة.

فمثلًا إذا قال لك قائل: ما هي القوة المذكورة في قول الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال ٦٠]؟ ننظر في القرآن ما نجد تفسيرًا لها، لكن نجد السنة قال النبي ﷺ: «أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ»(٢)، إذن نفسر القوة بأنها الرمي، أي تعلم الرمي، والرمي في كل زمان ومكان بحسبه، كان الناس في الأول يرمون بأيش؟

* الطلبة: بالسهام.

* الشيخ: بالنبال وما أشبهها، ثم صاروا يرمون بالبارود بالبنادق بالرصاص، ثم صاروا الآن يرمون بالصواريخ قريبة المدى وبعيدة المدى، والقوة هي الرمي الذي قاله الرسول عليه الصلاة والسلام يشمل أي رمي يكون حسب أساليب الحرب التي في وقته.

كذلك لو قال لك قائل: ما هو يوم الدين؟ ننظر القرآن فسره قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار ١٧ - ١٩] يعني إذن يوم الدين هو اليوم الذي لا ينفع فيه إلا العمل ولا يملك فيه أحد لأحد منفعة، وأمثال هذا كثير.

فإذن نفسر القرآن بالقرآن أولًا، ثم بالسنة ثانيًا، ثم بأقوال الصحابة لا سيما المعتنون بالتفسير، ثم بأقوال التابعين الذين أخذوا التفسير عن الصحابة كمجاهد.

ولا يعني هذا أننا إذا رأينا الآية تحتمل معاني أخرى غير ما ذكر أن نقتصر على ما ذكر؛ لأن كلام الله تعالى أوسع من أن يحيط به البشر، قد يفهمون معنًى ونحن نفهم معنًى آخر للآية، لكن إن كان يضاد ما فهمه الصحابة والتابعون فإننا لا نقبله، أما إذا كان لا يضاده فلا مانع من أن نقول: الآية أيش؟ واسعة، الآية واسعة تشمل هذا وهذا؛ لأن كلام الله واسع.

تعليقات