مفارقة الاغتيال grim reaper paradox

الثلاثي الذين ذكرتهم من قبل (كونز و براوس وراسموسن) يستخدمون مفارقة الاغتيال grim reaper paradox ليبرهنوا على وجود بداية للزمن وأنه لا يمكن أن يمتد إلى مالا نهاية في الأزل واستدلالهم هذا غير صحيح.
ومفارقة الاغتيال هي ببساطة أن تفترض وجود شخص ما وليكن اسمه زيد وهذا الشخص يواجه مجموعة من القتلة الذين دبروا لعملية اغتياله وجعلوا موعد تنفيذها ما بين الساعة ١١ و١٢ في منتصف الليل. حيث أن المغتال (رقم ١) سوف يقتله إذا وجده حيا في تمام الساعة ١٢ ليلا والمغتال (رقم ٢) سوف يقتله إذا وجده حيا في منتصف تلك المدة أي ١١:٣٠ والمغتال (رقم ٣) سوف يقتله إذا وجده حيا في ربع هذه المدة أي ١١:١٥. وهكذا ...والآن افترض أن عدد المغتالين لانهائي فسوف ينتج عن ذلك أن زيد لن ينجو بعد منتصف الليل وفي نفس الوقت فلن يقتله أي مغتال لأن كل واحد منهم سيجد زيدا مقتولا إذ قد سبقه أحد المغتالين إلى تنفيذ الاغتيال وهكذا تمتد السلسلة بلا أول. ولا يمكن القول بأن مجموع المغتالين هو بحد ذاته سبب القتل لأن كل مغتال لن يشارك في عملية القتل إلا إذا وجد زيد حي بالفعل. من هنا استنتجوا أن حل المفارقة هو القول باستحالة امتداد الزمن إلى ما لانهاية في الماضي. وهذا استنتاج غير صحيح ولا شك أن الأصل في تسلسل الزمن أنه سلسلة غير سببية وأن الاشكالات كلها تنتج عند ربط الزمن بسلسلة سببية كما هو الحال في هذه المفارقة. سلسلة المغتالين هي بالتأكيد سلسلة سببية تعتمد كل حلقة فيها على التي قبلها لأن كل فرد فيها لن يحاول اغتيال زيد إلا إذا وجده حيا وهذا لن يحدث إلا إذا فشل كل من سبقوه في قتل زيد. والسلسلة السببية لا يمكن أن تكون لانهائية لكن هذا ليس راجع لطبيعة الزمن وخصائصه وإنما هو راجع لخصائص عملية الاغتيال نفسها والمدة التي تستغرقها هذه العملية بالإضافة إلى المدة التي يمكن للمغتال أن يصل فيها إلى زيد فهذه المدد هي السبب الذي سيجعل هناك حد ما يوقف هذه السلسلة وهي أيضا السبب المرجح الذي سيتيح أو يمنع التنفيذ عن أي مغتال محدد.
فلو كانت مثلا مدة الاغتيال تستغرق دقيقة  وكان الوصول إلى زيد لبدأ عملية الاغتيال يستغرق دقيقة أخرى فسوف يكون زيد مقتولاً في تمام ١١:٠٢ وسوف يكون المغتال هو أسرع من يصل إلى زيد ويبدأ في العملية لأن كل من سيلحق به  بعد الدقيقة الأولى هم فقط من سيجدون زيد مازال على قيد الحياة وسوف ينضمون إلى محاولة الاغتيال وبالتالي تتحول المفارقة إلى تنافس بين المغتالين في سرعة بدأ العملية واتمامها  وهذا لا يتطلب وجود حدود للزمن كله ليبدأ عندها وإنما فقط يتطلب وجود حدود لسرعة المغتالين في بدأ واتمام العملية وهذه حدود لأفراد السلسلة السببية التي وفقا لتعريفها ينبغي أن تتضمن حدود عجز لا يمكن تجاوزها كما لا يمكن افتراض طلاقة قدرة أفرادها.

الخلاصة يمكن اعتبار هذه المفارقة إحدى المفارقات التي تثبت استحالة وجود سلسلة سببية لانهائية في الماضي ولا يمكن اعتبارها دليل على بداية الزمن أو استحالة تسلسله إلى ما لا بداية في الماضي.



تعليقات