هل علماء فيزياء الكم نجحوا في خلق جسيمات المادة من لا شيء؟

 خبر فرح به الملاحدة كثيرا ولو كانوا يفهمون شيئا من العلوم أو يعقلون شيئا من براهين الإيمان لفزعوا منه.

 الخبر هو أن علماء فيزياء الكم نجحوا في خلق جسيمات المادة من لا شيء عن طريق مجال كهربائي قوي فيما يعرف بتأثير شوينغر.

لكن حقيقة الأمر أن اللا شيء في فيزياء الكم ليس هو العدم المحض وإنما هو الحد الأدنى من الطاقة والذي يستحيل أن يصل أبدا إلى الصفر. 

(Vacuum, unlike its common perception as emptiness, plays an important role in modern physics. With the development of quantum mechanics, it was soon discovered that, due to the uncertainty principle, the vacuum in quantum theory is not empty, but exists at a non-zero level of energy). (1)

الترجمة:

(على عكس التصور الشائع للفراغ، يلعب الفراغ دورًا مهمًا في الفيزياء الحديثة. مع تطور ميكانيكا الكم، سرعان ما اكتشف أنه بسبب مبدأ عدم اليقين، فإن الفراغ في نظرية الكم ليس فارغًا، ولكنه موجود في مستوى الطاقة غير الصفري).

ونفس الأمر يمكن ذكره عن طريق وصف أدنى مستوي طاقة ممكن للمتذبذب التوافقي الذي يصف النظام الكمي بأنه مستوي طاقته غير صفرية. 

(this is because the quantum oscillator has a ground state with non-zero energy). (2) 

الترجمة:

(هذا لأن مذبذب الكم له حالة أرضية طاقتها غير صفرية). 

إذن فليس هناك لا شيء حقيقي أو فراغ حقيقي خرج منه جسيمات وإنما هو مقدار ما من الطاقة تحول إلى مادة. وفي حالة تأثير شوينغر فإن المجال الكهربي القوي جدا يفقد طاقة معادلة لكتلة زوج (الإلكترون و البوزيترون) مضروبة في مربع سرعة الضوء. 

أي أن الطاقة محفوظة أيضا فليس هناك طاقة خرجت من العدم كما أنه ليس هناك مادة خرجت من العدم 

ومخططات فاينمان الشهيرة تؤكد على قضية حفظ الطاقة في كل التفاعلات التي تحكم الجسيمات الكمومية. (مخرجاتها تلك التفاعلات تسمي قمما).

(Energy and momentum are conserved at each vertex). (3)

الترجمة:

(يتم حفظ الطاقة والزخم عند كل قمة).

أظن أن هذا كاف في بيان مدي سخافة وسطحية تعامل هؤلاء مع الأخبار العلمية.

لكن لماذا قلت إن هذا الخبر كان ينبغي أن يفزعهم بدلا من أن يفرحهم؟

 لأن المثال الذي نكرره دائما كتطبيق على برهان السببية هو تحول المادة إلى طاقة وتحول الطاقة إلى مادة فكلما ثبت علميا إمكانية تحول الجسيمات الأولية من المادة إلى الطاقة والعكس كان هذا أدعى لبيان حدوثهما. وفي العموم فإن التغير في الوجود والخصائص المحكوم بقوانين وشروط مسبقة والمفتقر إلى أسباب، هو ما يحقق شرط الحدوث في المادة والطاقة وينفي عنهما الأزلية، مما يعني أن تلك السلسلة المكونة من المواد والطاقات المتعاقبة والتي تمثل عالمنا الفيزيائي، ما هي إلا سلسلة حوادث أو سلسلة مفتقرين أو سلسلة سببية، وبالتالي يكون من المستحيل قيامها بنفسها مما يجعلنا نعلم افتقارها في وجودها إلى قائم بنفسه يقيمها.

__________________________ 

(1) Song, D. (2009). Immeasurability of Zero-point Energy in the Cosmological Constant problem. International Journal of Theoretical Physics, 48(7), 2147-2153.

(2) Orrell, D. (2020). A quantum model of supply and demand. Physica A: statistical Mechanics and its Applications, 539, 122928.

(3) Murihead, H. (2013). The physics of elementary particles. Elsevier.

تعليقات