المشهد الثالث (اجتماع في منظمة الحرية و التنوير)


-- ما هو أول شيء يرد في ذهنك حين تسمع اسم منظمة الحرية و التنوير؟
أهلا بكم جميعا.....
معكم د. سامي هريدي أستاذ العلوم العصبية و علم النفس و مؤسس هذه المنظمة...
الحرية و التنوير هما الحلمان اللذان يحلم بهما الجميع كل ليلة ثم يتنكرون لحلمهم في الصباح و يستعيذون بالله منه ...و وظيفتنا هنا أن نغير ذلك الواقع و نجعل الناس يتتبعون أحلامهم بلا خوف...
دعونا نخبر الناس أنهم يمكنهم التغلب علي مخاوفهم و قلقهم ... دعونا نتحرر من القيود الدينية و الأسئلة الوجودية و نكف عن افتراض أن هناك صواب و خطأ و نصدق أننا نحن من نضع القواعد... فالسؤال ليس ما هو الصواب و ما هو الخطأ و لكن السؤال هو ما الذي أردنا نحن أن يكون صواب أو خطأ.... دعونا نصنع جنتنا علي هذه الأرض و لا ننتظر جنة السماء. دعونا نستمتع بأحداث الحياة كما نستمتع بمشاهدة فيلما سينمائيا و لا يعكر علينا صفونا أننا نعلم أن كل الأفلام الممتعة ستنتهي و أننا مغادرون السينما لا محالة..دعونا نحترم قوانين الطبيعة و نتجاوز وهم الأنا و الذات و نمتزج و نذوب في الطبيعة و نتوحد معها و نخالط خلودها و نتصالح مع قسوتها فقد كانت تلك القسوة بمثابة المنبه الذي أيقظنا و شجعنا لنتخلي عن الأديان.

=آسف دكتور علي المقاطعة لكن ما هو رأيك في التجارب الروحية؟

-- أهلا شريف.. هل تقصد حالات صفاء الذهن التي تنتج عن تناول بعض الأدوية و المخدرات أو التدريبات الذهنية التأملية أم تقصد حالات الفصام و الهلاوس المرضية ؟

=لا هذا و لا ذاك و لكن ما أقصده  هي تجربة واعية لا يمكن أن تكون وهما و لا يمكن تفسيرها عن طريق  الخواص الفيزيائية لهذا العالم!!

-- و من يمكنه إثبات وقوع شيء مثل هذا؟

=لا أتكلم عن الاثبات.... لكن مثل هذه الأشياء  تحدث و هناك آلاف الأشخاص يحكون عن أمور مشابهة... و لنفترض مثلا أن أحدها حدث منذ قليل هنا في هذا القاعة معي أنا شخصيا فهل يكون ذلك دليلا علي خطأ ما نحن عليه علي الأقل بالنسبة لي؟

-- يا عزيزي لن نكون علي خطأ لأنه ببساطة لا يوجد خطأ... دع عنك تلك الحمولة الميتافيزيقية التي تمتلك الحق المطلق امتلاكا حصريا .. نحن نحاول أن ننظر إلي العالم و نتعامل معه  بأفضل طريقة ممكنة... لكن موضوع الروحانيات هذا لو كان في إطار تدريبات تصفية الذهن و رفع المعاناة مثل التي في البوذية أو ببعض أنواع المخدرات فهو شيء مفيد نفسيا و يمكننا توظيفه  كطقس مستقل عن أي اعتقاد في أشياء ميتافيزيقية

= أفهم من ذلك أنه أصبح لدينا...
روحانية بلا أديان.. و عبادة بلا إيمان.... و عقلانية بلا بديهيات ضرورية.. و أخلاق بلا معايير موضوعية... و وجود بلا سببية.. و إنسانية بالمفاهيم الداروينية... و قيم أسسها مادية... و طموحات هدفها العدمية....و رغما من أنه نظريا  لا يوجد فرق بيني و بينك و بين ساندوتش البرغر  لكن عمليا أنت تتسامح معي و تأكل البرغر .... و يفترض بنا أن نمرر كل هذه التناقضات ثم نرى الإسلام متناقضا لأن المعامل و المختبرات لم تكشف لنا بعد عن وجود الروح و المعجزات؟ ماذا لو كنا قد دخلنا المعمل الخطأ و كان ما يشعر به المؤمنون من لذة العبادة و التجارب الروحية هو لأنهم بحثوا عن الغيبيات في مكانها الصحيح؟

-- لو تركنا التنوير و إصلاح حياتنا حتي نجيب علي كل هذه الأسئلة نكون كمن تلقي طعنة قاتلة فرفض العلاج حتي يعلم من الذي طعنه و بماذا طعنه و من أين حصل علي السلاح و بكم اشتراه... سوف نغير مجتمعاتنا أولا نحو التقدم و الحضارة ثم نجلس لنفكر في الأصول و اللوازم 

=إذن لقد صدق حين قال أننا لا نحمل سوى فقاعات فكرية*

-- عذرا... ماذا قلت؟

=لا... لا شيء لكن فقط تذكرت أمرا ما

-- هل حدث لك شيء قبل الاجتماع؟

=لا...
نعم حدث شيء... تحدثت مع شخص قال أنه صوت عقلي ثم اختفي

-- مممم.... كنت أتمنى لو أننا نمتلك نوع الكاميرات الذي يلتقط مثل هذه المحادثات المصيرية لكن للأسف لا أظن أن عندنا واحدة... كما أظن أنه من المناسب أن نكمل حديثنا غدا في مكتبي من أجل الحفاظ علي وقت الحضور...
بالمناسبة.. أين صديقك حازم؟

=لا أعلم.. كلمته و قال أنه قد سبقني إلي هنا لكن لم أجده حين وصلت و كان يحدثني في الفترة الماضية عن رغبته في الانتحار**

-- إذن فلتحضره معك غدا.

=====================
*المشهد الأول
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=789073591278747&id=100005283395289
**المشهد الثاني
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=998555086997262&id=100005283395289

تعليقات