خاطرة


قال تعالى (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)
في البداية تكون أنت وحدك مع خالقك و في النهاية تعود له وحدك فتذكر دائما أن ثمة مقدار زائد عما تلعبه من أدوار داخل المجتمع و هذا المقدار الزائد الذي لن يشعر به أحد غيرك هو أنت .. فالناس سوف تعرفك كطفل ولد أو شيخ توفى....  أب... ابن.. زوج.. حبيب  صديق.. عدو.... طالب.. أستاذ... مثقف... طبيب..مهندس.. موظف... عالم... جاهل.. شهم.. نذل... داهية... مغفل... مهاب.. مسكين.. قوي... ضعيف.. فقير... غني .. إلخ سوف تتقلب دائما داخل تلك الأنماط و القوالب المحددة التي صاغها المجتمع و التي تتعلق ببعض صفاتك فعلا لكنها ليست أنت...  لأنك في الحقيقة روح تلعب تلك الأدوار و لست  مجرد مجموعة أدوار و قوالب جامدة.
المشكلة الكبري حين تنسي أنت أيضا نفسك فلا تري منها إلا تلك القوالب التي أخبروك عنها و التي ينظر من خلالها المجتمع إلى أفراده.
فتري نفسك ذلك المبهر العظيم الجذاب الخبير الثري العبقري الناجح أو الفاشل الضعيف القبيح الغريب قليل الحيلة الذي لا يستحق الطعام و الشراب و الأنفاس التي يتنفسها.. و لو لم تنتظرهم ليخبروك عن نفسك لربما كنت تعلم  أنك لا هذا و لا ذاك و لربما عرفت من أنت و من أحضرك هنا و لماذا  و إلى أين المصير؟
لكن للأسف كثير منا لا يجد لحظة واحدة ليعرف من هو و يبقي عمره كله  ينظر لنفسه بنظارة المجتمع التي لا تري شيئا آخر غير القوالب الثابتة. بل لعله يخشي تلك اللحظة و يتهرب منها  و هنا يطرق الذهن قول الله تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) فرغم أن الإسلام دين اجتماعي و أن كثير من عباداته جماعية و أنه  ينظم جميع العلاقات المجتمعية و ليس فيه دعوة للعزلة في الصوامع والتبتل و هجر الحياة لكنه يجعل الله من وراء القصد في كل عمل فمن نسي الله ستأسره نظرة و معيار المجتمع  و بالتالي ينسي نفسه ثم إذا حضره الموت خلع كل هذا عنه و عاد إلي ربه وحيدا كما خلقه أول مرة...
اعثر علي نفسك في خلوة أو سجدة أو توبة أو دعاء صادق.

تعليقات