حصان طروادة Trojan horse

  الثورة الحالية في الطب هي البيولوجيا الاصطناعية synthetic biology ومن تطبيقاتها الهامة محاولات زرع كائنات بيولوجية داخل أجسام المرضي بعد إجراء تعديلات جينية على تلك الكائنات لتجعلها قادرة على تنفيذ مهام محددة. وبالطبع فهذه الكائنات يرحب بها وتفتح لها الأبواب باعتبارها خلايا صديقة ثم تبدأ المهمة حين تستقر تلك الخلايا داخل المجتمع الخلوي المستقبل لها. هذا يشبه تماما فكرة حصان طروادة تلك الأسطورة الشهيرة حيث تم فتح أبواب المدينة لاستقبال هدية على شكل تمثال لحصان عملاق لكن هذا الحصان كان يحمل بداخله جنود العدو ومن ثم تم تدمير المدينة.

في ورقة حديثة نشرت في مجلة نيتشر
https://www.sciencedaily.com/releases/2019/07/190703121442.htm

تم تنفيذ هذه الفكرة في علاج السرطان عن طريق زرع بكتيريا داخل ورم وبعدما تصل هذه البكتيريا الي عدد معين فإنها مبرمجة على قتل نفسها وإفراز مادة مضادة لبروتين ينتجه عادة الورم السرطاني لكي يقول لخلايا الجهاز المناعي " لا تأكلني " وبتعطل البروتين ينشط الجهاز المناعي ويقضي على الورم لكن هذا الدواء لو أخذه المريض بشكل مباشر بالطرق المعتادة بدون الوسيط البكتيري سيؤدي ذلك إلى تعطيل البروتين الذي تفرزه خلايا الجسم السليمة أيضا مما يتسبب في آثار جانبية شديدة جدا.

فكرة تدمير مجتمع بيولوجي معين سواء كان ورم أو جرثومة بكتيرية أو فيروسات عن طريق استخدام هذه الخدعة هي نفسها فكرة استخدام فرد أناني من النوع يمكنه غزو المجتمع وقيادته إلى الهلاك ومع زيادة تطبيق هذه الفكرة لأغراض علاجية ستبرز أزمة التطور وعجزه عن حسم صراع الأناني مع المتعاون.

وإذا كان هذا الغزو يقع على مرأى ومسمع من آليات التطور الأساسية والإضافية فمن الذي حفظ مجتمعات الكائنات الحية المتعاونة من احتمالات لانهائية لأنانيين طبيعيين يدفعون المجتمع الي الهلاك؟

خصوصا أن كل صور الحياة معتمدة علي التعاون فلا قيام لأي حياة بدون تعاون ولا قيام للتعاون بدون ضامن يمنع عنه مواجهة هذه الاحتمالات اللانهائية من ظهور الأنانيين ونظرية التطور لا تملك هذا الضامن فكيف يمكن اعتبارها تفسيرا كافيا للحياة؟

أول من سك مصطلح حصان طروادة لوصف هذه العملية (فيما أعلم) هو سام براون وأشلي غريفين وآخرون عام 2009 في هذه الورقة

https://royalsocietypublishing.org/doi/full/10.1098/rstb.2009.0055


تعليقات