فندق هلبرت و التسلسل السببي و الغير سببي

موضوع فندق هلبرت يخوض فيه البعض بدون أي أدوات تؤهلهم لذلك اعتمادا علي أن وليام كريغ استخدمه بطريقة الغزالي و هم يحفظون ردودا علي الأشاعرة  فكلما  ذكر أمامهم فندق هلبرت يلصقون ميكانيكيا ما حفظوه من تلك الردود بدون فهم أو نظر .
هذه الطريقة بلاء حقيقي علي أمتنا خصوصا في زمن النوازل الذي نعيشه و تجدد و تغير الشبهات.
و أود أن أبين  أن طريقتي في عرض دليل السببية مبنية علي الافتقار و ليس التتابع الزمني و هذا بينته كثيرا  في شرح دليل السببية و في التفريق بين السببية و الحتمية في عدم اعتماد الأولي علي الزمان و المكان بخلاف الثانية و بينته كذلك في التفريق بين المفهوم الفلسفي للزمن و المفهوم الفيزيائي له. كما أنني ذكرت في أكثر من موضع خطأ اعتماد كريغ علي استحالة عدم وجود بداية للزمن -و هو هنا يقصد المفهوم الفلسفي المطلق للزمن- و هذا لا يجعل مفارقة فندق هلبرت تنطبق عليه لأنها لا تنطبق علي ال  potential infinity مثل تقسيم الزمان و المكان و الذي لا يعد سلسلة سببية كي نعامله معاملة  actual infinity
https://nrich.maths.org/2756/index
و هناك بالفعل من انتقد كريغ في هذا الأمر و بين أن مفارقة هلبرت لا تنطبق علي مراده من إثبات استحالة وجود سلسلة لا نهائية في الزمن لهذا السبب الذي ذكرته مثل ادوارد فيسر و غيره.
و هناك من انتقد اعتماده علي إثبات وجود بداية للكون و الطبيعة كنتيجة لوجود بداية للزمن مثل شون كارول في مناظراته معه .
الحاصل أن توظيف كريج لمفارقة هلبرت في إثبات وجود بداية للزمن به خلل من عدة وجوه لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد توظيف صحيح ممكن لها.
كما أن توظيفه للقانون الثاني الديناميكا الحرارية و الانفجار العظيم و مبرهنة BGV في إثبات حدوث الكون علميا به خلل أيضا و كل هذا أشرت إليه هنا أو هناك بدون تركيز كبير علي القضية لعدم الحاجة لذلك و اعتمدت في إثبات وجود الخالق علي دليل السببية في صياغة ليس بها خلل منطقي و لا يستطيع إنكارها الفيزيائي التجريبي و لا تعتمد علي الانفجار العظيم أو غيره و لا تعتمد علي إثبات حدوث الزمن أو التتابع الزمني و إنما علي "الافتقار في السلسلة السببية" .
و ما فندق هلبرت الا مجرد مثال توضيحي ليس إلا لكنه مثال صحيح .  و عندما استخدم عبارات مثل استحالة وجود ماضي لانهائي للكون أو سلسلة لانهائية في الماضي فالذي أعنيه هو السلسلة السببية أو تطور أحداث الكون المتعلقة بعمل قوانين الفيزياء . و لا أعني استحالة وجود زمن مطلق لانهائي توصف به أفعال الله.
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=775266472659459&id=100005283395289
و من يظن أن مفارقة  فندق هلبرت هي نفسها  دليل التطبيق فهو لم يفهم المفارقة أصلا لكنه بني كل نقده علي توظيف كريغ للمفارقة . و هنا رددت علي دليل التطبيق برياضيات كانتور 
https://ask.fm/Abuzaralghifary/answers/127268985261
و عدم الفهم عند هذا المنتقد واضح جدا من خلال كلامه فهو يظن أن هلبرت بدأ بافتراض محال.
و هذا خطأ لأنه انتهي لاستنتاج محال و لم يبدأ بمحال كما هو معروف في طريقة البرهنة بالتناقض  
proof by contradiction
و كما هو موضح في الصورة بالأسفل في طريقة برهنة المفارقة و هي موجودة في هذا المصدر


https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0315086002923451
و قد شرحت  من قبل وجه التناقض في المفارقة و لماذا الفندق ممتلئ و فارغ في نفس الوقت و ليس كما يظن المنتقد أن الغرفة الواحدة يجب أن تكون ممتلئة و فارغة في نفس الوقت لكي يقع التناقض
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=919982444854527&id=100005283395289
و الأدهي من ذلك أن المنتقد يزعم أن المفارقة بها خلل و ثغرات منطقية رياضية  و أن الذي يظهر هذا الخلل و يرد علي المفارقة هي نظرية كانتور 
و ما لا يعرفه صاحبنا أن ما يظن أنه فروض محالة بدأ بها هلبرت في مفارقته  حين افترض فندق لانهائي كل غرفه مسكونة و مع ذلك هو قادر علي استيعاب عدد لانهائي من النزلاء ،  هي في الحقيقة براهين نظرية المجموعات لكانتور
https://proofwiki.org/wiki/Countable_Union_of_Countable_Sets_is_Countable
فهناك معضلات تنشأ من تطبيق رياضيات كانتور في بعض الحالات.
و أول من تنبه لمعضلة مجموع كل المجموعات
the set of all sets
هو  فريجه ثم كانتور نفسه طرح  نفس المعضلة  و حدث عنها هلبرت  في أول مراسلة بينهما و هذه المراسلات موجودة و منشورة .ثم عرض نفس الفكرة آخرون مثل راسل  و زيرميلو و قد ذكرت قبل ذلك معضلة الحلاق التي طرحها راسل و أنها نسخة أخري من مفارقة هلبرت .
حسنا لماذا تظهر المفارقات؟
تظهر عندما نتعامل مع اللانهائيات باعتبارها قيمة محددة قائمة علي مجموع عناصر محددة . و لذلك فتلك المعضلات متعلقة "فقط" بالسلسلة السببية القائمة بنفسها و ليست متعلقة بالسلاسل الغير سببية أو تسلسل الاثار  الذي لا تكون قيمته النهائية أو قيمة أي حلقة من حلقاته معللة بالحلقة أو الحلقات السابقة.
  و ما فعله الفندق هو أنه أحضر اللانهاية الي الواقع و كل ما وجد في الواقع فقد تعينت قيمته و هذه القيمة مبنية علي عناصر محددة هي بمثابة العلل و الأسباب مما يجعله تسلسلا سببيا و بذلك يثبت استحالة وجود سلسلة سببية لانهائية قائمة بنفسها في الواقع  و هو المطلوب إثباته.
و ماذا عن تسلسل الآثار أو المعلولات أو أفعال الله و ما الي ذلك ؟
لا علاقة له بفندق هلبرت و أي تسلسل غير سببي يمكن أن يمتد بلا بداية و لا يكون في ذلك تناقض .
فاللحظات الزمنية التي تصف وجود الله لا أول لها و هذا تسلسل غير سببي لأننا لا نقول أن وجود الله الآن “سببه“ وجوده في اللحظة الماضية و وجوده في اللحظة الماضية سببه التي قبلها و بالتالي نقع في تسلسل ممتنع.
و إنما نقول أن الله قائم بنفسه فوجوده في جميع اللحظات بسبب قيامه الذاتي و ليس قيامه في اللحظة الماضية هو سبب قيامه في اللحظة الراهنة.
و ما يقال في مجموع لحظات وجود الله يقال في مجموع أفعاله و إراداته فكلها سلاسل آثار غير سببية فلا يقع فيها تسلسل ممتنع و علة قيامها الذات الإلهية.

تعليقات