(9) نقد كتاب شون كارول الصورة الكبيرة The Big Picture


الفصل الرابع عن الكائنات الحية و نشأة الحياة و التطور. و هو غارق في محاولات تبسيط و اختزال خرافية من قبيل "أن الحياة هي مجرد إلكترون يبحث عن مكان للراحة" و مثلها من العبارات الخيالية السخيفة التي تحاول تصوير  كل العمليات الحيوية على أنها مجرد محاولة لتحرير طاقة  . و لعلي أمر فقط على محاولة اختزال النسخ الذاتي و عرض كارول له  على أنه شيء شبيه بانتظام كريستالات الكاربون في أشكال منتظمة ثم نموها بنفس الكيفية من خلال تراكم ذرات جديدة ثم قفز مباشرة إلى رياضيات فون نيومان لشيء يمكن أن يصف نفسه و ينسخها ذاتيا ثم عرض نظرية عالم ال RNA
و التي هي النظرية المحورية في abiogenesis
و هذه كلها قفزات خيالية لمحاولة تفسير نشأة الحياة و جعلها شيء ممكن بآليات مادية.
لماذا هي قفزات خيالية؟
لأن الموضوع أعقد من ذلك بكثير.
فالتكرار الذاتي  replication
عنده مشكلة كبيرة و هي أنك لو أردت تكرار شيء معقد يحمل معلومات فسوف تفقد بعض هذه المعلومات لا محالة و لو جملة واحدة في كل محاولة نسخ و بالتالي لا يمكن للأمر أن يستمر. فالجملة التي تصف الجزء الأخير لن توجد جملة تصفها (أي تصف الوصف) و هكذا سيتقلص دائما الابن عن الوالدين  و هذا له علاقة مباشرة بمبرهنة غودل لعدم الاكتمال. و لذلك كان هناك مشكلة في افتراض أن يوجد شيء يحمل معلومات ينسخ نفسه بطريقة بسيطة. و من هنا جاء فون نيومان بحله الرياضي von neumann universal constructor
المنقسم إلى قسمين الأول شريط به وصف كامل للشيء المراد نسخه (مثل الشفرة الوراثية) و يكون ضمن هذا الشريط وصف كامل لآلة نسخ أو تصوير. فتكون بداية البناء هي نسخ و انشاء آلة النسخ و من ثم تلتقط تلك الآلة صورة طبق الأصل للشريط المدون عليه المعلومات الكاملة و هذا فيه شبه بعمل ال DNA  و RNA  و الريبوسوم في الخلية و ان كان نيومان طرح نموذجه الرياضي قبل اكتشاف هذه الأشياء. لكن فضلا عن أن آلة فون نيومان لم يتم بنائها في الواقع حتى الآن إلا أن النموذج نفسه لم يحل مشكلة الوصف الذاتي إلا بالتخلي عن البساطة و التحول إلى "تعقيد غير قابل للإختزال" . فيجب أن يكون هناك شريط مشفر يحمل كل المعلومات الوصفية و يجب أن توجد آلة نسخ و يجب أن يتم البناء بأولوية معينة عن طريق عنصر ثالث مثل ذراع للبناء أو ما شابه. فكيف تقفز من تكرار تلقائي لكريستالات الكاربون إلى آلة معقدة تعقيد غير قابل للاختزال يمكنها وصف و بناء نفسها ذاتيا مع العلم أننا حتى الآن لم نتمكن من صناعة هذه الآلة!!؟
ثم ينتقل إلى فرضية عالم RNA باعتبارها فرضية معقولة مشابهة لما كان يتحدث عنه فون نيومان  حيث يقوم فيها RNA  بكل شيء فهو يحمل المعلومات المشفرة و ينسخ نفسه و يقوم بدور الريبوسوم و يلعب دور البروتينات أيضا إذ يحفز التفاعلات الكيميائية الحيوية. و هذه الفرضية منذ أن وضعت في ستينيات القرن الماضي و حتى الآن لم تجمع من الأدلة شيئا يؤيدها  بل هي فقط تترنح  و توشك على السقوط بعد أن أصبحت  عيوبها غير ممكن تجاهلها و سوف يتم افتراض أي شيء آخر مكانها حتى ينكشف عواره هو الآخر مع الوقت.
فالأبحاث العلمية الآن تصرح بأن  عالم RNA   نظرية فاشلة جدا رغم أنها أفضل ما يمتلكه القوم حاليا بخصوص نشأة الحياة.
https://www.quantamagazine.org/the-end-of-the-rna-world-is-near-biochemists-argue-20171219/
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3495036/


تعليقات