حرية...

إذا سألت اللاديني ما هي الحرية سيقول لك الحرية هي أن تفعل ما تريد و أن تترك غيرك يفعل ما يريد.
فهذه هي الجنة التي يتمنى البعض أن يعيشها في الدنيا.
لكن هذه نظرة سطحية جدا للحرية خصوصا إذا وقفت للحظة و تفكرت في دوافعك هذه التي أعطيتها حق الطاعة المطلقة.
فما الفرق بين أن تفعل ما تريده و بين أن تفعل ما يريده غيرك إذا كنت لا تعرف من أنت و لماذا أردت ما أردته ؟
فوفقا للمذهب المادي لا يوجد فرق بين الأمرين فأنت مجبر في كلتا الحالتين لأنك لا تعرف ما أنت و  لماذا أردت ما أردته .
و غاية الأمر أن جيناتك أجبرتك على إرادة كل ما أردته و رغبتك فيه بدون أي معيار موضوعي تماما كما جعلت الطيور تشتهي الديدان و الصراصير و جعلتك تشمئز منهم .
بل لا يوجد في مادة  جسمك شيء يحمل هوية خاصة  يمكن أن نطلق عليه "أنت".
فما معنى النضال من أجل الحصول على الحرية في فعل ما تريده "أنت" و ليس هناك  شيء اسمه "أنت" أصلا . إنما هناك فقط مجموعة ذرات تقوم بعملية طبيعية من نوع ما ليس إلا .
لكن الحرية في الدين ليست أن تفعل ما تريد و لكن أن تفعل ما ينبغي فعله و الذي هو الصواب و الحكمة و الحق و الخير و ما يحب الله منك أن تفعله و تترك ما لا ينبغي فعله بإرادتك و بكامل حريتك بعد أن علمت أن لك روح تحمل هويتك و علمت أنك مخير يمكنك أن تتبع رغباتك و غرائزك و ميولك و أهوائك و ما عليه الأغلبية و ما عليه السادة و القادة و من تعظمهم و يمكنك أيضا  التحرر من ذلك كله و التفكر فيه و تحري الصواب في كل فكرة و كلمة و خطوة و اتخاذ النية الحسنة في كل حركة و سكنة.
فتستحق على ذلك الثواب و تكون حرا حقا و لست مغفلا لا يدري أن ماديته لا مكان فيها للحرية، أو ساذجا يصرخ طوال الوقت بشعارات التحرر من كل شيء و التي هي في حقيقة الأمر تسابيح لإله لا يستحق العبادة اسمه الهوى
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ)