آليات التطور سلاح ذو حدين لكن الدراونة يفترضون دائما أنه يمكنك ضم هذا السلاح إلى صدرك بكل طمأنينة.
ما هي الكيفية التي يفترض أن التطور يعمل بها؟
1- الطفرات : مثل القلم يكتب حروفا مبعثرة عشوائية.
كأن نكتب بهذه الطريقة
(نلب ابيمحع رليثن رديف ب لين نلي تبظيجنلي لأن بسمزذ)
2- الانتخاب الطبيعي: مثل الممحاة التي تمسح فقط الحروف التي لم تشكل كلمات صحيحة المعني.
كأن ننتقي من الكتابة السابقة ما يمكن أن تعد كلمة تفيد معنى مثل...
( رديف، لين، نلي، لأن )
3- الصلاحية: مثل المعنى الذي يمكن أن تحمله أي كلمة.
فمثلا..
(رديف) تعني الراكب في الخلف و الجندي الاحتياطي و التابع إلخ.
و (لين) تعني النعومة و هي أيضا اسم علم للإناث.
فالصفة التي يثبت لها فائدة تجعل حاملها أكثر كفاءة و تكيفا مع البيئة من غيره. مما يمنحه فرصة أكبر للبقاء أثناء الصراع هو و نسله من الأجيال القادمة و هذا هو معنى أن الطبيعة انتخبته.
لكن طبعا لن يتحدد المعنى إلا من خلال النظر في السياق الحاكم
و السياق الصحيح هنا يمكن أن يكون..
* رديف لأنه يلي لين
* رديف لأنه في الخدمة الاحتياطية
* لين لأنه رديف (أي أنه نسي الخشونة )
فحسب السياق سيتم استبعاد أو الحفاظ على بعض الكلمات أو انتظار بعض التعديل عليها ليكتمل المعنى الوظيفي للجملة المطلوبة.
فمن يحقق 90% مثلا من السياق المطلوب سيسيطر على الموارد و تبقى محاولات الاقتراب من السياق تعمل على الأجيال القادمة من نسله هو.
و لن يكون الأمر مثل ساحة مفتوحة لمحاولات تعمل على نسل الذي حقق اقتراب 90% و 70% 50% كل على حدة.
فهذا التنافس هو القوة الدافعة التي يعتمد عليها التطور في محو أو انتقاء الصفات و حامليها .
4- المورد : مثل عنوان المقالة فهو سبب وجود كل الجمل و حوله يدور السياق العام لها جميعا.
فكل أفراد النوع الواحد يتنافسون فيما بينهم على موارد كثيرة (المكان و الماء و الغذاء و التزاوج و مدي الانتفاع من ثمرة التعاون الجماعي بينهم إلخ) مما يجعل هناك فارق في السيطرة على الموارد بين من حصل على صلاحية إضافية و من لم يحصل عليها و يجعل فرص بقاء الأقل صلاحية قليلة كلما اشتد التنافس حتى تحجب الموارد تماما عنه و عن نسله.
و السؤال هو : هل يمكن أن تأتي جملة صحيحة لتهدم عنوان المقال نفسه و من ثم كل ما قيل فيه؟
الجواب هو نعم بل هذا هو المتوقع بالفعل في وسط لا شيء يضمن له التوازن و الانضباط.
فلو كان عنوان مقالي هذا مثلا( مقالة تعليمية في التطور)
ثم كتبت (لكي أصدقكم القول أنا لم أقرأ شيئا عن التطور )
فهذه الجملة تكفي لهدم المقال كله رغم أن كل كلماتها صحيحة المعني و سياقها منضبط.
فكما أن التنافس حول الموارد يعد هو القوة الدافعة للتطور فيمكن أيضا أن يكون القوة الدافعة ضده و المدمرة لكل مظاهر الحياة إذا أدى التنافس إلى تدمير المورد نفسه أو الحيلولة دون استخدامه. و لا معنى لافتراض أن الموارد مطلقة لا يمكن تدميرها. فالموارد الطبيعية بالنسبة للكائنات الحية هي موارد محدودة و تعتمد في وجودها على ما يمكن التعدي عليه و افساده.
و من أشهر الأمثلة على ذلك.... الأفراد المتعاونين نفسهم فهم يعدون مورد لا يمكن لأي مجتمع من الكائنات الحية الاستغناء عنه. و من الجانب آخر يعدون الطرف الخاسر و الأقل كفاءة من الأناني الذي يدعمه الانتخاب الطبيعي لأنه يحصل أعلى قدر من المكاسب و الصلاحية.
تعليقات
إرسال تعليق