الرد علي حلقة #الدحيح لو الشر مرض؟


الحلقة ليس بها  جديد لكنها تعتبر استنتاج  مبني علي ما تم طرحه في الحلقات الثلاث الماضية . و الخلاصة هي أن العلماء يرون أن الإرادة الحرة مجرد وهم و أن وعينا يتم تشكيله نتيجة نشاطات دماغية وجينات و أن هذا هو الصواب و هو قول العلم و إن كان له نتائج سلبية علي حياتنا لكن ماذا نفعل فتلك هي الحقيقة المرة و العلم قال كلمته فنحن مجرد آلات بيولوجية لا نملك من أمرنا شيء و ليس لنا إرادة حقيقة أو وعي . و لعل السبب البيولوجي أو "التطوري" من وجود هذا الوهم  كانت تغطية رغباتنا في الإنتقام من الآخرين و التي كانت ستبدو مملة  جدا في ظل علمنا بأننا لا نملك إرادة حرة . ناهيك عن الفوائد الإجتماعية المتحققة من وجود هذا الوهم المفيد.
و استدراك الدحيح في نهاية الحلقة بأننا مازلنا لا نعلم و قد يكون هناك إرادة بشكل أو بآخر تجعلنا مسؤولين عن أفعالنا . هو استدراك خارج عن سياق الحلقات الأربعة و لا محل له من الإعراب إلا إذا كان المقصود بذلك هو اثبات جانب من الحرية الفيزيائية الناتجة عن قدر ما من الحرية الاحتمالية في قوانين المادة نفسها و ليست حرية اختيار بالمعني المتبادر إلي ذهننا . و لعل ذلك يفسر وجود هذا الرابط  في مصادر حلقة مخير أم مخير :
https://www.nature.com/articles/4591052c
و الذي يقترح فيه مارتن هايزنبيرج ابن الفيزيائي الشهير مؤسس ميكانيكا الكم فيرنر هايزنبيرج , أن الإرادة الحرة ظاهرة بيوفيزيائية ناتجة من أن الطبيعة نفسها محكومة بقوانين الكم الغير حتمية و بالتالي فهناك قدر من الحرية الفيزيائية لكنها ليست السر الميتافيزيقي الذي نظنه و ليست هبة من الله للبشرية. 
(Heisenberg's proposal makes freedom a normal biological property of most living things, and not a metaphysical mystery or a gift from God to humanity.)
(We may not have metaphysical free will but we do have biophysical free will.)
إذن فنحن أمام طرح مادي يختزل ظاهرة الوعي في المادة مما ينتج عنه اسقاط كل التكاليف الدينية و الأخلاقية  و هو طرح علموي وضعي ينطلق من فرض مسبق بأنه ليس ثمة شيء غير هذه المادة المحسوسة  وبالتالي  فلابد من وجود تفسير مادي لكل الظواهر (الحياة و الوعي و الكون ......).
 و الطرح الديني في المقابل لا ينفي الأسباب المادية و إنما يضعها في موضعها كأسباب حاكمة داخل نظام أبدعه و أوجده الخالق و ليست بذاتها أسباب خالقة قادرة علي تفسير كل الظواهر في الكون بدون حاجة لخالق. 
و الدحيح خرج بهذا الاستنتاج علي أساس أن هناك من العلماء من يقول بذلك وعرضه للمشاهد علي أنه القول العلمي الوحيد في الموضوع و هذا طرح منحاز و قاصر و يجب تصحيحه ليس فقط من أجل العواقب الكارثية المترتبة عليه في الجوانب الدينية و الأخلاقية و لكن لأنه علميا غير صحيح . 
فليس ثمة دليل واحد يثبت إمكانية اختزال و تفسير الوعي و الإرادة بشكل مادي . لكن إذا فتشت ستجد أن هذا الطرح تم تأسيسه علي شيء آخر غير الدليل و هو ذلك الفرض المادي المسبق الذي يغلف أفكار هؤلاء العلماء والذي هو عبارة عن فلسفة مادية علموية تزعم بأن التفسير سيكون دائما ماديا  وليس منهج علمي تجريبي حقيقي يتفحص الأدلة و يتبعها و يتوقف عند حدوده ( و الدحيح يعلم ذلك جيدا و قاله لي قبل ذلك ). 
و لو كان لبرنامج الدحيح إنجاز حقيقي فهو أنه برنامج نجح في تقريب الأفكار العلمية للشباب ليفكروا بها و يعملوا عقولهم و يهربوا بذلك من السطحية التي تكسو مجتمعاتنا و يهربوا  أيضا من الأساليب التقليدية للتعليم القائمة علي التلقين و أن العلم قال كذا و انتهي الأمر فعليك أن تحفظ و تسجل إجابتك في ورقة الإمتحان بدون أن تتأمل و تتفكر و تسأل و تطلع علي الأفكار المختلفة و تكون لنفسك ملكة نقدية فكيف به الآن و هو يورطهم في تقليد بدون فهم و يرسخ عندهم أوهام علي اعتبار أنها المنتج النهائي للعلم ؟
أكرر مرة أخري أنه ليس هناك أي دليل يؤيد هذه الرؤية المادية الإختزالية للوعي و كل ما استند عليه الدحيح من أدلة تم الرد عليها بشكل مفصل و بأوراق علمية  :
1- الرد علي حلقة السيطرة علي المخ 
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=846111582241614&id=100005283395289
2-الرد علي حلقة مخير ام مخير 
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=849865198532919&id=100005283395289
3-الرد علي حلقة السفاح
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=853192208200218&id=100005283395289
 و هنا حوار بيني و بين الدحيح في التعليقات علي نقد حلقة السفاح
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=853192208200218&id=100005283395289&comment_id=853197064866399&comment_tracking=%7B"tn"%3A"R9"%7D
في النهاية نحن بانتظار حلقة من الدحيح لتصحيح المسار و الانحياز للموضوعية  ليستدرك بذلك علي هذه الحلقات الأربعة و يعرض النقد "العلمي" الذي تم تقديمه  ضدها. 

تعليقات