كيف نرد على معضلة يوثيفرو؟

معضلة يوثيفرو Euthyphro Dilemma تطرح بغرض نفي أن الله هو مصدر الأخلاق وهي تقول: هل الله أراد شيئاً لأنه جيد؟ أم أن الشيء يصبح جيداً لأن الله أراده؟
فإذا قلت بأن الله أراده لأنه جيد تكون الأشياء جيدة بذاتها ومستقلة بذلك عن الله، وبذلك لا يكون الله هو مصدر الأخلاق. وإذا قلت بأنها أصبحت جيدة لأن الله أرادها فهذا يجعل الخير والشر أموراً وهمية لا حقيقة لها وبالتالي يلغي قيمة الأخلاق نفسها.
والجواب: أن الله أراد الشيء لأنه جيد ولأنه حسن ولأنه خير ولأنه حكمة لأن أفعال الله وإرادته تكون وفقاً لعلمه وحكمته وبمقتضى أسمائه وصفاته قال تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)  (الإنسان:30) فجعل مشيئته متعلقة بعلمه وحكمته. وأما الإيراد الذي تورده المعضلة بأن هذا يعني استقلال الأخلاق عن الله وبالتالي لا يكون الله هو مصدر الأخلاق، ولا يكون هو مَن وهبها هذا الحُسن، فهو خلط كبير بين الوجود الحقيقي والوجود المعنوي للأشياء، فالخير والصفات الحسنة وجودها معنوي قائم في الذهن وليس وجود ذوات قائمة في الواقع، فالمعضلة في الحقيقة عبارة عن سؤال موهم بأن هناك شيئاً له وجود حقيقي لم يخلقه الله وهذا الشيء اسمه الحسن أو الخير أو الأخلاق. وكل مَن أراد أن يتصف بصفة من هذا الحسن يأخذ قطعة من هذا الكيان، وهذا تصور سخيف باطل بلا شك. وبالتالي فليس هناك كيان يحتاج إلى الخلق لكي نتساءل هل خلقه الله أم وجده مخلوقاً فأحبه؟ وإنما وجود المعاني كلها سواء أكانت خيراً أم شراً أم حكمة أم عبثاً أم جمالاً أم قبحاً، هو وجود قائم في علم الله منذ الأزل، وليس وجود ذوات حقيقية. وبذلك يهدم الإيراد الذي يقول بأن لها وجوداً مستقلاً لأنها في الحقيقة لا وجود لها إلا بعلم الله لتلك المعاني. وأما التجسيد الحقيقي للمعاني فإذا كان من صفات الله أو أفعاله فهو ليس مخلوقاً، وإن كان غير ذلك فهو مخلوق لله عز و جل.

تعليقات