اقنعني ....!!؟

الإسلام دين الفطرة فهو يأمر بالمعروف الذي تعرفه النفوس و تسكن إليه  و ينهي عن المنكر الذي تنكره النفوس و تستقبحه لكن هذا لا يعني أن الحكمة من كل أمر شرعي ستكون مفهومة لكل أحد في كل زمان و مكان و إنما هي كالتقدير الكوني الذي قد يكون واضحا لنا أحيانا و غامضا أحيانا كثيرة   .
فمن يجعل أصل منهجه في العبادة أو التسليم للأمر الشرعي أو الكوني هو معرفته للحكمة المخبأة و اقتناعه بها فهو أحمق يدعي العقلانية .
لأنه يكفيك إن كنت عاقل أن تملك الدليل علي أمرين : 
1. أن هناك خالق و أنه متصف بصفات الكمال و الحكمة
2. أن هذا الأمر الشرعي أو الكوني صدر من هذا الخالق سبحانه و تعالي.
أما من يشترط معرفة التفاصيل و الاقتناع بها  حتي يطيع ربه فهذا في الحقيقة أطاع  نفسه و عقله و لم يطع ربه و لم يعرف ماذا تعني كلمة عبودية .

إبليس قيل له اسجد لآدم فلم يقتنع

العندنانيون و الشحارير و من علي شاكلتهم قيل لهم اتبعوا كلام نبيكم الذي نقله لنا البخاري و مسلم  فلم يقتنعوا

اللادينيون قيل لهم انظروا الي أدلة وجود الخالق و أدلة صحة الرسالة و اتبعوا الأمر الشرعي و اصبروا علي الأمر الكوني فلم يقتنعوا

ابراهيم عليه السلام قيل له خذ زوجتك و ابنك الوحيد و اتركهم في وسط الصحراء في مكان لا زرع فيه و لا ماء و لا يسكنه أحد فلم يقل حسنا سافعل يا ربي لكن "اقنعني"
هاجر زوجته تركها زوجها  مع ولد رضيع في وسط الصحراء و نفذ ما معها من الماء و الطعام و لم تنزل الملائكة عليها و الولد يصرخ و ابراهيم عليه السلام أخبرها أن الله أمره بذلك لكن ماذا بعد !! هل ستحدث معجزة تخرجنا من هنا ؟ و لماذا أتينا إذن اذا كنا سنخرج ؟ هل سيحول الله هذه الأرض الي جنة بدون سبب ، و لماذا تأخرت تلك الجنة و أنا أسعى اول و ثاني و ثالث ......و سابع مرة بين الجبلين؟ 
هاجر لم تعلم الحكمة من هذا الأمر الشرعي و لم تعرف تفاصيل تدبير الأمر  الكوني لكنها رضيت و لم تقل اقنعني أولا. 
   ابراهيم عليه السلام عاد الي أسرته بعد سنين طويلة ليذبح إسماعيل و لم يقل أحدهم  يا رب اقنعني .
العجيب أن الشرع أمرنا بتدبر تلك القصص بل و جعلها شعائر مجسدة في الحج و العمرة و مع ذلك تجد أن معني أصيل مثل هذا غائب تماما عن منهج من يزعمون أنهم مجددون و أنهم عقلانيون أو هؤلاء أصحاب "أكلشيه " كنت سلفي و ألحدت

تعليقات