الاشارة الكاذبة false signal


لو أن مجموعة من الأشخاص اتفقوا علي القيام بمهمة سرية و كانت إشارة البدأ هي أن يحك الزعيم رأسه ثلاث مرات متتالية ،  لكن لسوء حظهم أن الزعيم أصابته حكة حقيقية فلم يستطع منع نفسه من أن يستمر في حك رأسه لثلاث مرات متتالية . مما أدى إلى بدأ العملية في وقت خاطئ  و بالتالي فشلها . فهذه اشارة كاذبة . وقد سميتها  اشارة لأنها لا تحمل معني موضوعي حقيقي في نفسها مثلها مثل سائر الكلمات و الشفرات فليس هناك علاقة سببية  بين حك الرأس و البدأ في العمليات السرية.   و سميتها  كاذبة لأنها لم تحمل المعني التوافقي الذي اتفق عليه من استخدموها.
الملحد يري الدين عبارة عن شيء بلا قيمة حقيقية موضوعية فلولا رجال الدين و الحمقي المتدينون  لما كان هناك أي حاجة ملحة لاستدعاء الدين بكل أصوله و تفاصيله  و طقوسه . فهو في نظره مجرد اشارة كاذبة لا تحمل في طياتها معني أو نفع حقيقي لكنها قائمة بسبب التأثير المفتعل عند المتدينين و الذي هو في الحقيقة وهم أو ايحاء أو أي شيء لكنه شيء بلا قيمة في النهاية و ليس وراءه حقيقة .لكن المشكلة الكبرى أن الملحد ينطلق بعد ذلك ليحدثك عن أهمية العلم و العمل و الحضارة و حقوق الانسان أو حتي ليحدثك عن المخدرات و النساء و ينسي المسكين أن كل هذه الأشياء هي الاخري اشارات كاذبة فما قيمة العلم و التعرف علي هذا الكون و تسخيره  ؟! هل هذا يكسبنا مزيدا من الرفاهية؟  و ما فائدة أن نتقلب في النعيم أو نحرم منه ؟ فهذه مجرد اشارات كهربائية  بلهاء في أدمغتنا تم تأسيسها اعتباطيا علي يد قوي الطبيعة العمياء خلال مسيرتنا التطورية. و ما الفرق الموضوعي بين أن تحصل علي علاقات مع أجمل نساء العالم أو مع أقبحهن  أو لا تحصل علي شيء.  فالجمال و المتعة و كل شيء مؤسس علي اشارات كاذبة كان يمكن جدا أن توقعك في حب ذبابة  لولا أن بعض أجدادك سلكوا مسارا تطوريا مختلفا  فجعلتك تحب العيون الزرقاء بدلا من الحمراء و نعومة الشعر بدلا من تناغم قرون الاستشعار و  تراكم الدهون في الصدر  بدلا من نحافة و قوة الأجنحة . و المؤمن في الجهة المقابلة يري الدنيا بما فيها مجرد اشارة كاذبة  فهي لعب و لهو و ليس فيها شيء مقصود لذاته إذ أنها بكل ما فيها  كبر أو صغر مصيرها العدم و إنما الدار الآخرة هي الباقية و هي التي تحمل معاني حقيقية بل هي التي تعطينا الحق في الحديث عن أي معني و إلا فلو كنا أبناء هذا العالم المادي فليس هناك شيء اسمه معني أصلا .
فكلا الفريقان يري أن هناك شيء يستحق أن يعيش من أجله و هناك شيء لا قيمة له و لا ينبغي العيش من أجله فهو اشارة كاذبة . لكن اختيار الملحد في الحقيقة يجعل الشيئين اشارة كاذبة .

تعليقات