الثلاثاء، 3 فبراير 2015

ما الذى ينبغى تقديمه ليتخلى العالم عن الداروينية ؟

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

هذا المقال الهدف منه هو تسليط الضوء على النقطة الفاصلة التى ننشد منها التحول العظيم فى الحوار بين الإيمان والإلحاد وتحديد هذه النقطة المحورية هو أول خطوة فى طريق النصر الحقيقى وسوف أركز على قضية واحدة وهى نظرية التطور
فى الحقيقة هناك تجارب عملية تثبت وقوع الإنتخاب الطبيعى ويظهر فيها جليا دعم الحياة للكائن الأكثر صلاحية فى العيش  مع بيئته والأكثر ذرية  وهناك تجارب علمية تثبت وقوع التغير فى الكائنات الحية بواسطة الطفرات بل هناك تجارب تثبت وقوع الطفرات النافعة أيضا فيمكننا أن نلخص هذا باعتبار هذه الآليات قوانين طبيعية بيولوجية

فهل الصراع بين الإيمان والإلحاد دائر حول وجود القوانين الطبيعية أم عدم وجودها ؟
الجواب : لا طبعا فنحن نؤمن بوجود القوانين وبوجود الأسباب التى قدرها الله لوجود الأشياء

والإلحاد الآن يقدم فرضية وجود الكون والحياة بالقوانين الطبيعية فقط وبدون حاجة لوجود خالق على الرغم من أنه لم يزعم يوما أنه يمتلك السيناريو الكامل لوجود الحياة ولا لوجود الكون بقوانين طبيعية ولم يزعم خلو العلوم الطبيعية من الفجوات لكن وجود الفجوات فى العلوم هو شيء مقبول ولا يرفض عاقل العلوم بحجة وجود الفجوات بها وبالمثل فعليك أن تقبل الإلحاد بفجواته وإلا فأنت تعبد إله الفجوات المعرفية وهذه مغالطة  لأن العلم لا يطلب منك أن تؤمن بفجواته  وإنما يطلب منك أن تؤمن بأدلته فقط على عكس الإلحاد الذى سيصح له الدليل الأول بعدما ينتهى من سد كل الفجوات المعرفية بقوانين طبيعية

ثم من فرضية الإلحاد أن الدين أشبه بمزاج الشخصى أو بالهوية الثقافية أو بالفنون على أحسن أحواله وهى أشياء ليست علوما أو حقائق وفى نفس الوقت يصعب على الإنسان العيش بدونها فهي أشياء لها  تأثير على الإنسان وقد يكون للدين عامل على الحث على الخير والأخلاق وما إلى ذلك فالفنون ليست علما نظرا لأنه لا يمكن أن تقدم دليلا تجريبيا على أن لوحة  الموناليزا أفضل من شخابيط ولدك الصغير على جدار البيت على الرغم من كون العالم كله يشهد لليوناردوا دافنشى فنان عصر النهضة بالعبقرية ويعلم أن هذه اللوحة هى من أهم لوحاته وربما تكون  من أهم اللوحات التى رسمت فى التاريخ وهذا الموقف المتشنج للعلوم له فوائد وله عيوب و أهم عيوبه تظهر حينما يتم تعميمه على الأشياء المعنوية مثل قضية الإتقان والإحكام الظاهر فى المخلوقات فهنا يظهر العمى التام لهذا المنهج تماما كما ظهر مع لوحة الموناليزا ولكن هذا العمى يخدم الفرضية الإلحادية فى الحقيقة فهى تنتفع من قصور المنهج التجريبى وعدم قدرته على الإستيعاب الشامل لكن على الجانب الآخر فلهذا المنهج مميزات كثيرة وقد أثبت نجاحه الباهر فى المجالات المادية وحق له ذلك فالإنسان قد تكون أفكاره منطقية جدا لكن عند التطبيق يجد الأمر مختلفا تماما ودائما أتذكر موقف آينشتين من فيزياء الكم وكيف أن المنطق والسلطة العلمية كانت فى صفه تماما ففيزياء الكم أشبه بالجنون وآينشتين حظي بمكانة علمية فى حياته لم يحظى بها عالم غيره فى تاريخ العلوم ولكن فيزياء الكم انتصرت على كل هذا وأثبتت صحتها رغم أنف الجميع لسبب بسيط وهو أنها تملك الأدلة التجريبية التى تثبتها وهنا يقول البعض أننا لسنا مضطرين لكل هذا فأدلتنا على وجود الخالق بديهية والبديهيات لا تحتاج إلى تقديم الإثباتات بل ولا يمكن اثباتها أيضا  ثم يستشهد بمبرهنة غودل على استحالة البرهنة على كل مسلمات نظاما معينا من داخله وهذا تطبيق سيء للمبرهنة بخلاف إذا استخدمت فى إثبات استحالة قيام الكون بقوانين طبيعية يفسر كل منها وجود الآخر فهذا تطبيق صحيح ومباشر ويصب فى دليل السببية الذى أكد عليه الشرع والعقل والواقع وهذا الإستخدام السيء يفيد فى الحقيقة اللاأدرية أكثر مما يفيد الإيمان لأنه فى هذه الحالة يكون الإيمان قد عجز عن تقديم الدليل كما عجز الإلحاد قبل ذلك وأما كونها بديهية فهذا لا يسلم لك فيه الخصم

فما هى النقطة التى ينبغى أن يتركز عليها النزاع بين الإيمان والإلحاد ؟

هل نركز على زعم الإلحاد أن الكون والحياة يمكن تفسيرهم بالقوانين الطبيعية وهذا إن احتكمنا إلى مقياس العلم التجريبى فإنه يلزم الإلحاد بأن يصمت حتى تعلم البشرية كل شيء وتعلم أن كل شيء يمكن تفسيره بشكل مادى بحت لكنه لا يلزم نظرية التطور بهذا الصمت لأنها قدمت أدلة تجريبية تثبت وجود الآليات التى تزعم أنها تعمل من خلالها وبقى الكثير من الفجوات لكن العلوم البشرية كلها فجوات فلا يمكن رد كل شيء بسبب وجود الفجوات ولذلك فإنهم يقولون أنها أفضل التفسيرات المطروحة بالرغم من كل نقاط الضعف بها فى حين أن التصميم الذكى لم يقدم تجربة تثبته  وإنما فقط قدم معضلات ومشاكل تعجز آليات التطور عن حلها مثل الإنفجار الكامبرى والتعقيد الغير قابل للإختزال وما أشبه ذلك مما يظهر عجز آليات التطور عن التعامل مع هذه الظواهر لكنه مازال يعد فجوة معرفية لأنه لا يقدم أمام أعيننا التجربة التى تثبت العجز القاطع الذى يستحيل معه تفسير الظاهرة بتلك الآليات ولذلك فيبقى الأمر ظنيا يمكن فرض نظريات لتفسيره وإن انت مغرقة فى الخيال كأن تكون الصخور التى احتفظت بالأجنة داخل البيض عجزت عن الإحتفاظ بجميع الكائنات الحية فى العصر ما قبل الكامبري وأن تكون هناك وظائف ثانوية للأجزاء التى تراكمت حتى تكون عضوا غير قابل للإختزال ليس لوجوده أى فائدة إلا بعد اكتماله والذى يستحيل أن ينشأ دفعة واحدة فمثل هذا الهراء مازال مقبولا فى الأوساط العلمية

هل  نركز على انتقاض المنهج العلمى التجريبى فى تعامله مع هذه القضايا وقصوره الحقيقى فى استيعابها كما ذكرت فى لوحة الموناليزا ؟ هذا وإن كان صحيحا لكنه لن يحدث التحول المطلوب والمنشود فى جعل كلمة الله هى العليا وفى ظهور الحق ودحض الباطل

إذن فعلينا أن نمتلك التجربة أو الإطار التجريبى الذى يضم مجموعة تجارب  تثبت وجود التدخل من عليم حكيم والتى تثبت العجز القاطع  لقوانين الطبيعة فى تفسير الحياة أو بعض الظواهر الأساسية فى  الحياة  وحينها سيحسم الأمر

 لكن كيف يمكن أن تكون هذه التجربة  أو التجارب ؟ كيف تثبت شيء معنوى بدليل تجريبى مادى ؟ وكيف تكون الضربة غير ممكن تفاديها بإختلاق سيناريوهات خرافية كعادة الدراونة ؟

فى الحقيقة قد وفقنى الله إلى هذا الإطار التجريبى الذى يثبت هذا المطلب بالتجارب العملية وهذا هو  موضوع  ورقتى البحثية الثانية والتى انتهيت منها بالفعل وسوف أقدمها فى الأيام القادمة ولو قدر الله أن تنشر هذه الورقة فى مجلة كبيرة فسيكون لها أثرا كبيرا بإذن الله  والله غالب على أمره

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate