الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

لماذا نواجه الإلحاد ؟

بسم الله الرحمن الرحيم


لماذا نواجه الإلحاد ؟

هذا السؤال له صياغات متقاربة وخلفيات متباعدة:

 فهناك من يسأله مستنكرا العداء للفكر الإلحادي ويظن أن معنى حرية الاعتقاد أننا لا نبين بطلان الباطل ولا نحاربه ولا نعاديه ويقول فلنترك كل شخص وقناعاته


 وهناك من يسأله مستنكرا الطريقة لأنه يرى أن هؤلاء لا يجب التعامل معهم إلا بالسيف فقط ولا حاجة للحوار ولا لإقامة الحجة وينبغى أن يحارب الإلحاد بالتخلص من الملحدين وليس بمناقشة الإلحاد


 وهناك من يسأله تعجبا من مواجهة الإلحاد بالرغم من أن الملاحدة قلة قليلة وهذا عجب عجاب فلو كان الملاحدة قلة أو كثرة فما علاقة هذا بالتصدي للفكر نفسه وسرد ما فى ديننا من حجج الإيمان ؟ وهل ديننا يلتفت للعدد ؟ فدائما تذكر الكثرة مذمومة قال تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) وكما فى صحيح مسلم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " عرضت عليّ الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد.." فإقامة الحجة لا علاقة لها بالعدد وكذلك الإستشهاد بالقلة والكثرة ليس معيارا لإثبات الصواب أو الخطأ فلو أن فى هذا العالم ملحدا واحدا لوجب علينا إقامة الحجة عليه 


وهناك من يسأله تعجبا من مواجهة الإلحاد بالرغم من أن غالبية الملاحدة الذين نواجههم من المراهقين الجهلة وهذا أقول له أن هناك من الملاحدة الغربيين من حصل أعلى الشهادات فهل ستغير رأيك الآن وتواجه الإلحاد ؟


وهناك من يسأله تعجبا من المواجهة بالرغم من أن كثير من الملاحدة العرب ثبت أنهم ليسوا ملاحدة بل هم نصارى أو يهود أو روافض ويري أن هذا كاف للرد على الشبهات التى أثاروها وروجوا لها وهذا عجيب أيضا فكأنه يقول بما أنهم علموا تلك الشبهات ولم يلحدوا فسوف نقلدهم فى عدم الحادهم حتى ولو لم نعلم دليل بطلان ما أوردوه وهذا فى الحقيقة منطق غريب وإذا كان هؤلاء غير مخلصين لباطلهم فكن أنت مخلصا للحق الذى معك  وتعلم أدلة صحته وعلمها لغيرك 


 وهناك من يسأله احتقارا للإلحاد وتسفيها له وهذا وإن كنا نؤيده فى اعتقادنا لسفه الفكر الإلحادي إلا أننا نخالفه فى التقليل من خطره لأنه فكر يصرف من أجل نشره ما لا يعلمه إلا الله من الأموال وتذلل له كل الصعاب ويقدم فى جميع القوالب الممكنة من أول الأبحاث الأكاديمية التى تدعم نظرية التطور وصولا إلي أفلام الكارتون التى تقدم للصغار فعندما نقول أن الإلحاد خطر ينبغى مواجهته فنحن لا نعظم من محتواه الفكرى ولكننا ندرك الجهود الجبارة التى تبذل من أجل نشره وفى المقابل المسلمون فى غفلة تامة عن هذا الخطر ومنهم من يري هذه الجهود المقاومة للإلحاد مضيعة للوقت ويظن أنه مادام الإيمان بوجود الخالق  فطرة فى النفوس ومادام الفكرالإلحادي متهافت فلا داع لسرد الأدلة على وجود الخالق ولا حاجة للرد على الشبهات التى يثيرها الملاحدة ولعمر الله لو كان هذا الفكر صحيحا لما أرسل الله رسلا ولا أنزل كتبا فعبادة الأصنام والأشجار والحيوانات ليست بالفكر العميق وليست بالبنيان الفلسفى المتين بل إن توحيد الله بالعبودية  لمن أقر بربوبيته شيء مغروس فى الفطرة أيضا فما الداعى لإقامة البراهين عليها إذن؟ وما الداعى لإرسال الرسل وخوض الحروب من أجل ذلك ؟ لكن الحقيقة أن الفطرة تتبدل فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من مولود يولد إلا على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء" ثم يقول "فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) رواه البخاري ومعنى لا تبديل لخلق الله هنا أى لا تبدلوا خلق الله فهى خبر بمعنى الطلب قوله تعالى (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا) فهذه هى وظيفة الرسل أن يذكروا  بآيات الله كما قال نبي الله نوح عليه السلام لقومه (إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ) ونحن المسلمون من ورثنا هذا الميراث الشريف من أنبياء الله ورسله فعلينا بذل الغالى والنفيس من أجل إقامة الحجة ومحاربة كل فكرة باطلة هدامة قال تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) فأسأل الله تعالى أن ينتبه المسلمون لما يحاك لهم ويقوموا بواجبهم تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم فهناك من لا يكل عن العمل ليل نهار لينشر الباطل وأسأل الله أن يستخدمنا ولا يستبدلنا ولا نكون ممن قال الله فيهم (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)

هناك تعليق واحد :

Translate