السبت، 22 نوفمبر 2014

هل الحل المادى الصحيح لمشكلة الشر هو الإلحاد أم السادية ؟

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله


عندما يرى الإنسان آلام الناس والحيوانات من حوله وعذابهم المعنوى أو الحسى فإنه يشعر بألم ومرارة بسبب ذلك ويود لو أنه يغير هذا و لو على حساب مصلحته الشخصية  لما خلق الله فى قلبه من رحمة ومحبة للخير ولعله يتساءل لماذا لم يمنع الله هذا وهو على كل شيء قدير وهو أرحم من عباده بعباده بلا شك إذ هو من خلق فى قلوبنا تلك الرحمة ؟
ويأتيه الجواب المنطقى بأن لله إرادة شرعية وإرادة كونية وفالأولى تعنى ما يحبه الله والثانية تعنى ما قدر الله وقوعه فما يقع فى هذه الدنيا يجب أن يكون الله أراد وقوعه لكن لا يجب أبدا أن يكون أحب وقوعه لأنه قد يقدر وقوع ما يكره من أجل حكمة معينة مثل إبتلاء الناس فى هذه الدار أو من أجل تمكينهم من حرية الإختيار الذى سيترتب عليها جزاء وحساب فى الدار الآخرة التى سيظهر فيها ما يحبه الله أبين ظهور إلى غير ذلك من الأسباب المنطقية التى هى حلول صحيحة معقولة جدا لهذه المشكلة لنا كمؤمنين
لكن الملحد الذى يلحد بسبب هذه المشكلة والذى لا يقبل هذه الحلول التى قدمها الإسلام يقع فى تناقض عظيم لأنه يكفر بالله لأنه يصر على عدم فهم ما قاله الدين ويصر على أن الله أحب الشر وبالتالى فهو يكفر بوجود الخالق ويرفض عبادته فى حين أنه كان ينبغى عليه أن يعيد النظر فى معنى الشر نفسه لأنه إذا كنا نكره الشر ونحب الخير بفطرتنا التى نعلم أنها صحيحة لأن الله هو الذى فطرنا عليها ثم لأن الله أرسل لنا فى رسالاته ما يؤكد أنه يحب الخير ويكره الشر ويامرنا بأن نفعل هذا أيضا ويعدنا بالجزاء الأوفى فى الآخرة فبالنسبة للملحد الذى كفر بالله وبالفطرة وباليوم الآخر والذى لا يؤمن إلا بالمادية ينبغى عليه أن يعيد النظر فى كرهه للشر وتألمه برؤية معاناة الناس المعنوية أو الحسية وإلحاق الضرر بهم لأن هذا من وجهة نظر مادية بحتة قد يكون أمرا مفيدا جدا وأكثر تكيفا مع الطبيعة لأن الدراوينية تخبرك أن الأفراد يتصارعون من أجل تحصيل منافعهم الشخصية فإن كان هذا التألم لعذاب الناس حقيقيا وعميقا صادقا ( وليس مزيفا لخداع من حولك أو للظهور بمظهر الشخص الراقى أو المنقذ لهم من آلامهم حتى تحصل مكانة بينهم أو منصبا يفوضونك فيه راعيا عليهم أو حاكما أوأمينا على مصالهم أو ما أشبه ذلك فتغذر بهم وتحقق مآربك الشخصية ) فأنت بلاشك خاسر وأقل تكيفا وصلاحية من الساديين sadistic الذين يتلذذون بإذلال و بتعذيب الناس معنويا وجسديا أو برؤية الناس يتألمون


 فهم بلا شك أكثر انسجاما مع المادية وقوانين الطبيعة والداروينية إذ أن الصراع مع الآخرين من أجل المصلحة الشخصية الذى يفترض أنه هو سر الحياة وسبب وجودها لاشك أن له تبعات سلبية على الغيرفهناك ترابط بين المصلحة الشخصية وبين اضرار الغير  والسادية هى اعتبار هذا الإضرار نفسه هو المصلحة الشخصية المراد تحصيلها فهما وجهان لعملة واحدة بل السادية هى الإبن البار لهذه النظرة المادية وهى الحل المادى الصحيح لمشكلة الشر إذ أنه لا معنى لكراهية الشر والتألم بسبب وقوعه على الغير حقا من وجهة النظر المادية بل لماذا نتألم من مشاهدة ذلك فى حين أنه  يمكننا الاستفادة من هذه المآسى والشرور فى التلذذ بها والاستمتاع بمشاهدتها ؟ 
وهذا لا يمنعك أن تكون ملحدا لكن يمنعك من أن تضحك على نفسك وعلى غيرك بأن سبب الحادك هو الانسانية المفرطة والرحمة بالغير لأن هذا تناقض كما بيننا ولعل هذا هو السبب فى التصاق الشيوعية بقتل الملايين والقسوة التى تجاوزت كل التصورات من رموز الإلحاد الذين طبقوا ما آمنوا به على أرض الواقع مثل ستالين وماوتسى تونغ  وغيرهم وكما قال الملحد فرويد فالسادية لا بأس بها لكن مع ضبط العواقب وبعض التوجيه فقط 

إذن عندما تتألم وتستقبح الشرور والمآسى من حولك فأمامك حلان لا ثالث لهما :
1-  أن تنطلق من فطرتك وانسانيتك بأن الشر قبيح وتعلم أن من غرز  فيك ذلك هو أولى منك باسقباحه وهذا هو المنطق الإسلامى 
2-أن تنطلق من الفكر المادي فتجد أنه لا يوجد أى سبب يجعلك تستقبح وقوع الشر على هؤلاء بل ربما يوجد ما يدفعك إلى احداثه بهم أو على الأقل دفع الألم عن نفسك و استبداله بالتلذذ والمتعة وهذه هى السادية sadism

أما أن تكون ماديا متألما لما يقع للناس من شرور وعذاب (ملحدا بسبب مشكلة الشر أو ملحد لطيف كيوت ) فهذا تناقض لا معنى له 

فيمكن أن يكون معقولا أنك ملحدا لسبب ما غير مشكلة الشر وبالتالى فأنت مادى لا ترى فضلا للخير على الشر إلا بحكم مصلحتك الشخصية وبالتالى أنت سادى عندما يتعلق الأمر بآلام الآخرين التى لن تضرك شيء وهنا لا يوجد مكان لمشكلة الشر فى إلحادك وتكون السادية هى المعالجة المادية الصحيحة لمشكلة الشر
لكن لا يمكن أن يكون معقولا أنك تكره أن ترى آلام الآخرين وبالتالى أنت ملحد بسبب مشكلة الشر وبالتالى أنت ميتافيزيقى تعظم وتحب الخير للناس وتكره الشر وفى نفس الوقت مادى لا تعلم معنى لهذا التصرف ولا تعلم سببا ماديا له بل تعلم أن كل الأسباب المادية ضد هذا الهراء الميتافيزيقى وهنا يكون الشر هو سبب إلحادك وسبب نقض إلحادك فى نفس الوقت مما يبين أنها معالجة خاطئة سفيهه لمشكلة الشر 

ولذلك فأمام الشر أمامك طريقان إما أن تكون مؤمنا أو تكون ساديا لكن لا يمكنك أن تكون ملحدا رقيقا مرهف الحس سبب إلحاده مشلكة الشر


التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate