الخميس، 4 سبتمبر 2014

ما هى التجارب العملية التى تثبت وقوع الانتحار التطورى و ما مدى تأثير ذلك على نظرية التطور ؟

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله


نظرية التطور قائمة على زعم أن هذه الكائنات الحية لا تحتاج فى تفسيرها إلى وجود مصمم ذكى وإنما الآليات المادية (الطفرات والإنتخاب الطبيعى وملايين السنين ) كافية لتفسير هذه المملكةوفكرة التصميم الذكى لا تعارض وجود الطفرات ولا الانتخاب الطبيعى ولا الزمن الطويل وإنما تعارض أن هذا كافي لتفسير ظاهرة الحياة وأنه لابد من وجود مصمم ذكى فإذا وجدت ظاهرة لا يمكن تفسير وجودها إلا بوجود مصمم فهذا تأييد لنظرية التصميم الذكى وابطال لنظرية التطورفإذا كانت هذه الظاهرة منتشرة فى الكائنات الحية فلا شك ان هذه ضربة قاتلة لنظرية التطور
فكرة  مأساة الموارد المشتركة tragedy of the commons  مطبقة فى الأحياء باسم الإنتحار التطورى evolutionary suicide وكما نعلم فإن الكائنات الحية كلها تسعى إلى تحقيق أرباح أكثر وفوائد وصلاحيات أكثر benefits أوfitness و كل الموارد فى الطبيعة مفتوحة للجميع open sourceوتحقيق الأرباح ليس له حد أقصى وفى المقابل بقاء الموارد له حد أدنى threshold هو شبيه برأس المال الذى لو تم الاعتداء عليه فسيزول المورد وبالتالى تزول الأرباح ويزول المتربحين وينتهى كل شيء (وهذه النقطة هى حجر الزاوية)
فبقاء النظام البييولوجى كله مرهون بتحقيق أكبر قدر من الأرباح بدون المساس برأس المال وإلا لانهار النظام البيولوجى كله والمعضلة تكمن فى أنه
1- لا يوجد فرق مادى بين الربح وبين رأس المال وأنه لا يوجد هذا الفرق إلا بالوعى
2- التعدى على رأس المال يسبب زيادة فى الربح الحاضروخسارة مستقبلية والآليات المادية لا تتعامل إلا مع الواقع فالمستقبل لا وجود له إلا فى الوعى
ولذلك فإن مأساة المشاع لا يمكن حلها إلا بتدخل وعى ولا يمكن تفادى هذه المشكلة بأى آلية من آليات التطور ولا أى آلية مادية
 فالطفرات لا يمكن ان تمنع وقوع هذا فهى تأتى بكل صفة ممكنة جينيا والذى سيتسبب فى وقوع المأساة لا يحتاج إلى صفات جديدة ليست موجودة فى الطبيعة وإنما يحتاج فقط إلى حصاد الأرباح من مورد لا يتحمله .
والانتخاب الطبيعى يدعم وقوع هذا لأنه يدعم كل شيء يزيد من الربح الحاضر

وأضرب أمثلة على ذلك

1-فى المحيط الأطلنطى أمام احدى شواطئ كندا يوجد مكان معروف بتجمع أسماك القد cod fish يعرف باسمgrand banks  كان به وفرة من تلك الأسماك لا تكاد تنتهى فقامت صناعة ضخمة لصناعة الأسماك هناك بسفن عملاقة وهذا أدى إلى أن تم التعدى على رأس المال والحد الأدنى threshold الذى يحتاجه السمك للتكاثر والبقاء وذلك لأن هذا الضغط فى الصيد أدى إلى انتخاب الأسماك التى تصل إلى النضوج وسن التكاثر بسرعة أكبر  وإن كانت تعطى ذرية أقل لأنها أقل خصوبة فتم القضاء على سمك القد هناك وبالتالى انهارت تلك الصناعة فى خلال ثلاثين عام من 1960 إلى 1990



فهذا الانهيار حدث نتيجة قوة التربح ولذلك فالانتخاب الطبيعى يدعمه بدلا من أن يمنعه ولأن الربح الحاضر والخسارة مستقبلية لاوجود لها على أرض الواقع لحظة حصاد الأرباح ولأنه لا يوجد علامة مادية تميز بين الربح ورأس المال الذى كان ينبغى المحافظة عليه فالأسماك كلها تشبه بعضها وليس مكتوب على أحدها أرباح ولا على الأخرى رأس مال فحدث التعدى على رأس المال ولا يمكن التمييز إلا بعمل دراسات تحدد الحد الأدنى الذى يحتاجه السمك لكى يتكاثر وتنظم الصيد لكى لا يتم التعدى عليه وتلزم الجميع بذلك وكل هذا يحتاج إلى وعى وقوة تفرض ارادته فهذا التدخل من واعى هو الحل الوحيد للمشكلة




2-هذا المثال عبارة عن تجربة أجريت على ذكور أسماك medaka fish اليابانية وذلك بتعديل وراثى لها transgenic بأن زرع فيها جين هرمون النمو  فى السلمون فأدى ذلك إلى كبر حجمها وفى نفس الوقت نقص خصوبتها fecundity  وكانت الإناث تفضل الذكور الأكبر حجما المعدلة وراثية فى التزاوج على الذكور الطبيعية  مما أدى إلى تقلص عدد هذا المجتمع تدريجيا حتى سقط خلف threshold   و انتهى وجوده فهنا أيضا الطفرات لا يمكنها منع هذه المشكلة لأن الصفة ممكنة جينيا وهى موجودة  بالفعل فهى فقط منقولة من سمك السلمون ولذلك نقول أن المأساة لاتحتاج إلى صفات جديدة ولكن فقط استبدال متربح بآخر فى مورد لايتحمله والمورد هنا هو الحد الأدنى من الذكور والاناث التى لا يمكن تواجد النوع إلا به thresholdوالانتخاب الطبيعى ممثلا فى الانتخاب الجنسى لا يمكنه منع المأساة لأن الذكور المعدلة  تحمل مزايا أكبر مما يرجح كفتها فى هذا الجانب فى مجال التسابق فى الزينة ornament 





3-وهى نوع من البكتيريا المتعاونة myxococcus Xanthus وهى بكتيريا تعيش فى جماعات وتهاجم فرائسها فى أسراب وحين يقل الغذاء تبنى شيء يسمى fruiting body ويكون نصفه الأسفل عبارة عن عيدان داعمة ونصفه الأعلى عبارة عن جراثيم spore وكل فرد يمكنه أن يستثمر فى بناء العيدان أو بناء الجراثيم لكن بلا شك أن من يستثمر فى الجراثيم فهو الذى يبقى نسله لأن كل جرثومة تتحول إلى مستعمرة جديدة ولكن من يستثمر فى بناء العيدان الداعمة فتكون هذه نهايته ولا يبقى نسله  فلو كان هناك سلالة تغلب عليها الاستراتيجية الأنانية cheatersتريد دائما الربح الأكبر فلا تستثمر إلا فى بناء الجراثيم وهى تلك التى رمز لها باللون الأخضرفى الصورة فسيكون النتيجة أنها ستبقى وتنقرض السلالة المتعاونة  التى رمز لها بالون الأحمرفى الصورة و التى تستثمر فى بناء العيدان والجراثيم لأنها تنحصر فى العيدان فقط بسبب منافسة الخضراء ثم تفشل الخضراء بعد ذلك فى بناء fruiting body وحدها لأن كل أفرادها تريد الربح الأكبر فتنقرض الخضراء والحمراء
فهنا الطفرات لا يمكنها منع وجود الخضراء فهى موجودة بالفعل وليست مستحيلة جينيا ولا تفرق شيء عن الحمراء سوى فى الاستراتيجية والميل إلى الأنانية فكل فرد يمكنه أن يتحول إلى جزء العيدان أو إلى جزء الجراثيم 
والانتخاب الطبيعى لا يمنع الخضراء بل يدعمها لأنها تحقق أكبر الأرباح فى الحاضروالانقراض وقع نتيجة أن الربح الحاضر والخسارة مستقبلية لا وجود لها أثناء حصاد الأرباح الحاضرة ولأنه لا يوجد فرق مادى بين الأرباح التى هى (الأفراد الحمراء التى تبنى العيدان التى ينتفع بها الخضراء) وبين رأس المال (الحد الأدنى من الأفراد الحمراء اللازمة لوجود هذه السلالة) ولا يمكن معرفة هذا الفرق إلا بوجود وعى يقيم دراسة ويمنع الخضراء من التعدى على هذا الحد الأدنىthreshold   من الحمراء و بذلك فقط يمكن منع وقوع مأساة الموارد المشتركة













4-السرطان فخلايا السرطان أقوى فى الانتشار وفى التكاثر وفى تحمل نقص الأوكسجين ثم انها مقاومة للموت ولها استراتيجيات كثيرة تجعلها أكثر كفاءة من الخلايا الطبيعية وبالتالى أكثرربحا والطفرات والانتخاب الطبيعى يدعمان وجودها بكل قوة والسرطان يؤدى فى النهاية لموت المريض وبالتالى إلى موت السرطان فهذا الإنتحار التطورى وقع نتيجة أن زيادة التربح طغت على رأس المال (وهو الحد الأدنى من سلامة الخلايا الطبيعية  ) والتى تعتبر موارد لهذا النظام لأنه لايقوم إلا بوجود هذا الحد الأدنى threshold  ولأنه لا يوجد فاصل بين الربح ورأس المال فى أرض الواقع فالسرطان لا يعرف سوى أنه ينافس الخلايا الطبيعية على المكان والغذاء وكل الخلايا التى ينتصر عليها فى هذا الصراع لها نفس الصفات فلا يعلم السرطان أى هذه الخلايا يعد ربحا خالصا وأيها يعد رأس المال لا ينبغى المساس به وإلا لانهار النظام كله وضاعت كلالمكاسب ونتيجة أن الربح الحاضر سيؤدى إلى خسارة مستقبلية فتقع مأساة المشاع ولا يمكن تجنبها إلا بتدخل وعى يعلم هذا الحد الأدنى ويقدر فى نفس الوقت على منع المتربح من التعدى على هذ االحد الأدنى رابط البحث 


فالخلاصة أن مأساة المشاع عامة  فى النظام البيولوجى وأن نتيجتها الزوال التام للنظام كله وأنه لا يمكن منعها إلا بتدخل من وعى أو مصمم ذكى فهذا يجعلنا نعلم أن الحياة لا يمكن تفسيرها إلا بتدخل عليم حكيم 
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate