الاثنين، 25 أغسطس 2014

تأملات قرآنية فى سنة الله فى إحقاق الحق وإزهاق الباطل

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
عندما تمر على قول الله عز وجل فى سورة القصص (عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ 

وَلَدًاتتذكر أن هناك موضع آخر فى القرآن قيلت فيه نفس الجملة وهو فى سورة 

يوسف (عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) وهذا قد يدفعك إلى طلب ربطا بين القصتين 

وبين هذا الموضع فى القصتين تحديدا و  بعد تأمل بسيط يظهر لك سر عظيم من سنن 

الله فى النصر والتمكين وهذا السر هو الجواب على سؤال كيف يقع التمكين والنصر 

للحق على الباطل ؟
ففى قصة سيدنا يوسف نرى ان الله عز وجل أراد أن يمكن ليوسف فى الأرض فكان 

هذا بأن جعله يولد لأحد ملوك الأرض !!! 
لا لا عفوا ....
كان هذا بأن جعله مملوكا ثم جعله مملوكا ومسجونا أيضا وعند ذكر وقوعه فى 

الرق قال الله عز وجل (وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَىٰهُ مِن مِّصْرَ لِٱمْرَأَتِهِۦٓ أَكْرِمِى مَثْوَىٰهُ عَسَىٰٓ أَن 

يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًۭا ۚ وَكَذَ‌ ٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُۥ مِن تَأْوِيلِ ٱلْأَحَادِيثِ ۚ 

وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمْرِهِۦ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )
مكنا ليوسف فى الأرض بأن صار عبدا مملوكا !؟
نعم فهنا لفت نظر بأن هذه هى الوسيلة التى اختارها الله لوقوع التمكين ثم عندما 

تنظر فى سورة القصص تجد أن الله يخبر عن اجرام فرعون ويخبر أنه يريد أن يمن 

على هؤلاء المستضعفين ويريد أن يمكن لهم فى الأرض
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى ٱلْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًۭا يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةًۭ مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ 

أَبْنَآءَهُمْ وَيَسْتَحْىِۦ نِسَآءَهُمْ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴿٤﴾ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ 

ٱسْتُضْعِفُوا۟ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةًۭ وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَ‌ ٰرِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ 

وَنُرِىَ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا۟ يَحْذَرُونَ )
حسنا إذن الآية التى تليها ستكون بالتأكيد أن الله سيرسل لفرعون نبيا على رأس 

جيش جرار ليحرر هؤلاء الضعفاء من قبضته أو يدعوه للحق فإن أبى قاتله وأنهى هذا 

البلاء وهذا الباطل الذى يروجه فرعون بأنه هوالإله الحق لكن عندما تكمل القراءة تجد 

الآيات التى تلى هذه الآيات السابقة هى ( وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ 

عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى ٱلْيَمِّ وَلَا تَخَافِى وَلَا تَحْزَنِىٓ ۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴿٧﴾ 

فَٱلْتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّۭا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا۟ 

خَـٰطِـِٔينَ ﴿٨﴾ وَقَالَتِ ٱمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍۢ لِّى وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰٓ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ 

نَتَّخِذَهُۥ وَلَدًۭا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )
سبحان الله فقد أراد الله أن يمكن لبنى اسرائيل فى الأرض فأرسل لهم طفلا رضيعا 

وكان هذا فى العام الذى يقتل فيه فرعون المواليد الذكور وأوحى الله إلى أم موسى أن 

تلقيه فى البحر إذا خافت عليه لكى يأخذه فرعون نفسه لا إله إلا الله ... فهذا يجعلك 

تقف للتفكر فالأمور كلها تسير على خلاف ما يتوقع ويتصور ثم فى قصة النبى محمد 

صلى الله عليه وسلم يتكرر نفس الأمر فقد كان التمكين له بفتح مكة حيث دخل الناس 

بعد ذلك فى دين الله أفواجا كما جاء فى سورة النصر (إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ 

﴿١﴾ وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجًۭا ﴿٢﴾ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُۥ 

كَانَ تَوَّابًۢا) و كان فتح مكة بسبب صلح الحديبية الذى كان زلزالا لكل من حضره من 

كبار الصحابة باستثناء الصديق لهول الشروط المجحفة التى رضى بها النبى صلى الله 

عليه وسلم والتى يظن من يشاهد هذه الواقعة أنها نهاية الإسلام وأفول نجمه فسماها الله 

فتحا وأنزل سورة الفتح وكان صلح الحديبية هو السبب فى فتح مكة بالفعل فسبحان الله 

كان نصر النبى وتمكينه بنفس الطريقة التى نصر بها الأنبياء من قبله وكأنها سنة الله 

فى إحقاق الحق والله أعلم

وهذا له فوائد
1-إظهار القدرة لأن التمكين لو كان بأسباب معتادة لما كان هناك آية فى تمكين 

الأنبياء والمرسلين وأهل الحق من أتباعهم أما لو كان النصر يخرج من الضعف التام 

فهذه آية ظاهرة
2- أن تعتقد أن الله سيحق الحق وسيبطل الباطل مهما كان الباطل قويا عظيما أمامك 

فلا تفقد الأمل أبدا مهما كانت الظروف أمامك 
3- أن تحقق الصبر والذى هو صنو اليقين فى حياة المسلم فهو ليس استثناء أبدا بل 

هو ملازم للمسلم دائما فأنت تصبر على طاعة الله وتصبر عن معصيته وتصبر على 

أقدارالله المؤلمة فأنت تتقلب دائما فى منازل الصبر ولذلك تجد القرآن يذكر الصبر 

على أنه ركن أساسى فى حياة المؤمنين لا يفارقهم حتى يلقوا الله وكذلك يذكره على أنه 

مفتاح النصر
(قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوٓا۟ ۖ إِنَّ ٱلْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۖ

 وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
(وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُوا۟ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلْأَرْضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِى بَـٰرَكْنَا فِيهَا ۖ 

وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِىٓ إِسْرَ‌ ٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُو)
(أُو۟لَـٰٓئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا۟ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةًۭ وَسَلَـٰمًا)
(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةًۭ يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا۟ ۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔايَـٰتِنَا يُوقِنُونَ)
(سَلَـٰمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى ٱلدَّارِ)
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْا۟ مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ 

وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُوا۟ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ ۗ أَلَآ إِنَّ نَصْرَ 

ٱللَّهِ قَرِيبٌۭ)
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَـٰهَدُوا۟ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّـٰبِرِينَ)
(وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا 

بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن 

لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ 

هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم 

مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا 

بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ 

الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ 

مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى 

الْعَالَمِينَ )

(وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا 

ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا 

اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147))

والله أعلى وأعلم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate