الاثنين، 25 أغسطس 2014

تأملات فى مناظرة خليل الرحمن عليه السلام لقومه

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
تأملات فى مناظرة خليل الرحمن عليه السلام لقومه
1- أن جميع الأنبياء معصومون من الشرك وهذا خليل الرحمن فلا يمكن أن يكون الأمر إلا مناظرة وتنزل
من تفسير أضواء البيان:
قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي}. الآيات قوله: {هَذَا رَبِّي} [6/76]،في المواضع الثلاثة محتمل، لأنه كان يظن ذلك، كما روي عن ابن عباس وغيره, ومحتمل، لأنه جازم بعدم ربوبية غير الله.
ومراده هذا ربي في زعمكم الباطل، أو أنه حذف أداة استفهام الإنكار والقرآن يبين بطلان الأول، وصحة الثاني:
أما بطلان الأول، فالله تعالى نفي كون الشرك الماضي عن إبراهيم في قوله: {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [3/67]، ي عدة آيات، ونفي الكون الماضي يستغرق جميع الزمن الماضي، فثبت أنه لم يتقدم عليه شرك يوماً ما.
وأما كونه جازماً موقناً بعدم ربوبية غير الله، فقد دل عليه ترتيب قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي}، إلى آخره "بالفاء" على قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [6/75]، دل على أنه قال ذلك موقناً مناظراً ومحاجاً لهم، كما دل عليه قوله تعالى: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} الآية [6/80]، وقوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} الآية [6/83]، انتهى
2- قوله هذا ربى: أى على قولكم
تفسير القرطبى :
وقيل : المعنى هذا ربي على زعمكم ; كما قال تعالى : " أين شركائي الذين كنتم تزعمون " [ القصص : 74 ] . وقال : " ذق إنك أنت العزيز الكريم " [ الدخان : 49 ] أي عند نفسك انتهى
3- أن المناظرة ليست فى اثبات وجود الله ولا ربوبيته وإنما فى توحيد الألوهية فقوم ابراهيم كانوا يعبدون الأصنام والكواكب كما كانت قريش تعبد اللات والعزى وغير ذلك والدليل
أنه قال لقومه (قال أتعبدون ما تنحون * والله خلقكم وما تعملون)
فهم يعرفون الخالق ويعرفون الله ولم ينكروا ذلك
وأيضا قول ابراهيم عليه السلام لهم فى النهاية
(وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ عَلَيْكُمْ سُلْطَـٰنًۭا ۚ فَأَىُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿81﴾)
فهى حجة عقلية على من كان يعلم وجود الخالق ويشرك به غيره بدون دليل له من الخالق على جواز ذلك أو صوابه فالأصل هو عبادة الخالق وحده لان الألوهية نتيجة للربوبية وأنا أعبده وانتم تدعون جواز عبادة تلك الأصنام والكواكب معه وعلى المدعى البينة وأنتم لا بينة لكم بذلك فمن هو الأولى منا بالخوف؟ هل أخاف أنا من عقاب آلهة مزعزمة بلا بينة على هذا الزعم أم تخافون أنتم من الخالق الذى علمتم الدليل على ألوهيته وقد أشركتم به بلا دليل ؟
4-أن الغرض من المناظرة وضع الضوابط الصحيحة للإتصاف بالإلوهية وبيان عدم اتصاف آلهتهم التى يعبدونها من تلك الكواكب المعينة بتلك الصفات التى توجب لهم الألوهية
قال تعالى ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلَّيْلُ رَءَا كَوْكَبًۭا ۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّى ۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَآ أُحِبُّ ٱلْءَافِلِينَ ﴿76﴾ فَلَمَّا رَءَا ٱلْقَمَرَ بَازِغًۭا قَالَ هَـٰذَا رَبِّى ۖ فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبِّى لَأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّآلِّينَ ﴿77﴾ فَلَمَّا رَءَا ٱلشَّمْسَ بَازِغَةًۭ قَالَ هَـٰذَا رَبِّى هَـٰذَآ أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّآ أَفَلَتْ قَالَ يَـٰقَوْمِ إِنِّى بَرِىٓءٌۭ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿78﴾ إِنِّى وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِى فَطَرَ ٱلسَّمَـٰوَ‌ٰتِ وَٱلْأَرْضَ حَنِيفًۭا ۖ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ )
فالضابط الأول : هو أننى مفطور على التعبد للإله والتقرب إليه والإستعانة به فى كل لحظة فلايسعنى أن اكون عبدا نصف يوم وأن أقضى نصفه الآخر فى غير حاجة للإله فمن كان يأفل ويغيب عنى لا يرانى ولا يسمع دعائى ولا ينجينى ولا يهدينى ولا يقدر أن يكون معى فى كل لحظة وأستغيث به فى كل أزمة فهو لا يصلح أن يكون إله (وفق ما فطرت عليه) وهذا نظير قوله لأبيه ( يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ) والله أعلم
الضابط الثانى: أن الذى لايقدر على الكلام والهداية والبيان لا يستحق الألوهية وهذا نظير قوله تعالى (وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعْدِهِۦ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًۭا جَسَدًۭا لَّهُۥ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُوا۟ ظَـٰلِمِينَ ﴿148﴾) وقوله (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِىٓ إِلَى ٱلْحَقِّ ۚ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِى لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِىٓ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّىٓ إِلَّآ أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿35﴾) والله أعلم
والضابط الثالث : أن الإله يجب أن يكون أكبر من كل شيء لأنه لو كان هناك من هو أكبر منه ومن يحيط به فهذا نقص فيه والفطرة تحب الأعظم وتحب الكمال المطلق فلا يمكن تحقيق كمال الحب والذل (وكمال الحب والذل هما العبودية) إلا للأكبر والأكمل والأعظم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate