الأحد، 24 أغسطس 2014

إذا كان الله خلقنا لنعبده ونقدسه فهل هذا نقص ؟

الخلل في هذا الفهم يأتي من ظن أن الغاية من أي فعل محصورة في جلب النفع أو دفع الضر وإلا لكان الفعل عبثاً. وهذا قياس فاسد، لأن الحقيقة أن الأفعال هي مقتضى من مقتضيات صفات الذات، فإن كانت الذات كاملة كانت أفعالها مقتضى ونتيجة لكمالها، وإن كانت الذات ناقصة كانت الأفعال مقتضى ونتيجة لنقصها. ومقتضى النقص هو دائماً محاولة جَبره، فتكون الغاية المرجوة دائماً محصورة في تحصيل النفع ودفع الضر وإلا فليس ثم بعد ذلك إلا محض عبث. ومقتضى الكمال هو دائماً العطاء وإقامة الخير، فتكون الغاية المرجوة هنا غير محصورة في تحصيل المنافع للذات. بل لا يكون تحصيل المنافع من ضمن الغايات أبداً.
إذاً فلماذا يفعل الله شيئاً ما (خلق، رزق، تدبير، إحياء، إماتة)؟ والإجابة هي ان الله يفعل بمقتضيات أسمائه الحسنى وصفاته العلا، ونحن نفعل بمقتضى صفاتنا التي هي العجز والنقص. فعندما أسألك لماذا فعلت كذا؟؟ ستقول لأني محتاج للأمر الفلاني في تحصيل منفعة أو دفع مضرة (وهذا كمال بالنسبة لنا لكنه نقص في الحقيقة لأن الحاجة إلى شيء هي الافتقار إليه وهذا عجز ونقص) أو فعلت لا لسبب بل مجرد عبث (وهذا نقص كذلك في حد ذاته) فلذلك يمكنني وصف أي فعل للمخلوق بأنه نقص فهو يتقلب بين حالين كلاهما نقص:
الأول: ألا يكون لفعله سبب فهذا عبث والعبث نقص.
الثاني: أن يكون فعله لسبب والسبب بالنسبة للعبد هو الحاجة للشيء من جلب منفعة أو دفع مضرة لسد عجزه ونقصه فيكون الفعل في هذه الحالة أيضاً دليلاً على الافتقار والعجز والنقص.
أما بالنسبة للخالق فعلى أي أساس نطبق عليه القاعدة نفسها فنظن أن سبب فعله هو نفسه السبب لأفعالنا؟؟ هل هو مخلوق مثلنا؟؟ ضعيف أو محتاج مثلنا؟؟ (وهو ما نفيناه من قبل بإثبات كماله وغناه عن كل ما سواه) والإجابة هي أنه يفعل بمقتضى أسمائه هو وصفاته هو لا نحن: وهي كلها أوصاف كمال كما قلنا، كأن يكرمك لأنه كريم، ويقيم العدل فيك ومعك لأنه عادل وهكذا. فهذه الأفعال ليست سداً لحاجات الذات وإنما هي فيضٌ من كمالها، وهي تحقق آثار ومقتضيات صفاته سبحانه وتعالي . فهو خلقنا لكي نعبده؛ لكن هذه العبادة ليس هو المنتفع بها وإنما نحن المنتفعون بها فهو الغني الحميد. ولا يصح عقلاً أن يكون القيوم محتاجاً لأي شيء، ولا يصح أيضاً أن يكون محتاجاً للعبادة وهو خالقها وخالق فاعلها. فهو خالق القدرة والإرادة التي نعبده بها وخالق العباد أنفسهم.

هناك 3 تعليقات :

  1. كماء يفيض من البئر ، إنما فاض لإمتلاء البئر بالماء وفيضه هذا نفع لنا وليس نفع للبئر

    ردحذف
    الردود
    1. ألم تمل من النباح كالكلب

      حذف
    2. ألم تمل من وضع عقلك في كيس القمامة؟

      حذف

Translate