السبت، 23 أغسطس 2014

ما هى وجوه الإعجاز فى القرآن ؟


قد تعرض شيخ الاسلام رحمه الله في جوابه الصحيح لمن بدل دين المسيح , للحديث عن القرآن واعجازه , ونثر درراً ينبغي الوقوف عندها واستظهار مراميها .
حيث أشار رحمه الله الى أن
" نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة ولم يأت أحد بنظير هذا الأسلوب فإنه ليس من جنس الشعر ولا الرجز ولا الخطابة ولا الرسائل ولا نظمه نظم شيء من كلام الناس عربهم وعجمهم ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة ليس له نظير في كلام جميع الخلق وبسط هذا وتفصيله طويل يعرفه من له نظر وتدبر ونفس ما اخبر به القرآن في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته أمر عجيب خارق للعادة لم يوجد مثل ذلك في كلام بشر لا نبي ولا غير نبي. وكذلك ما أخبر به عن الملائكة والعرش والكرسي والجن وخلق آدم وغير ذلك ونفس ما أمر به القرآن من الدين والشرائع كذلك ونفس ما أخبر به من الأمثال وبينه من الدلائل هو أيضا كذلك, ومن تدبر ما صنفه جميع العقلاء في العلوم الإلهية والخلقية والسياسية وجد بينه وبين ما جاء في الكتب الإلهية التوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء وجد بين ذلك وبين القرآن من التفاوت أعظم مما بين لفظه ونظمه وبين سائر ألفاظ العرب ونظمهم ,فالإعجاز في معناه أعظم وأكثر من الإعجاز في لفظه وجميع عقلاء الأمم عاجزون عن الإتيان بمثل معانيه أعظم من عجز العرب عن الإتيان بمثل لفظه... "
وقال رحمه الله " و قوله -تعالى - "فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا " ولن لنفي المستقبل فثبت الخبر أنهم فيما يستقبل من الزمان لا يأتون بسورة من مثله كما أخبر قبل ذلك وأمره أن يقول في سورة سبحان وهي سورة مكية افتتحها بذكر الإسراء وهو كان بمكة بنص القرآن والخبر المتواتر وذكر فيها من مخاطبته للكفار بمكة ما يبين بذلك بقوله: " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً " فعم بالخبر جميع الخلق معجزا لهم قاطعا بأنهم إذا اجتمعوا كلهم لا يأتون بمثل هذا القرآن ولو تظاهروا وتعاونوا على ذلك وهذا التحدي والدعاء هو لجميع الخلق وهذا قد سمعه كل من سمع القرآن وعرفه الخاص والعام وعلم مع ذلك أنهم لم يعارضوه ولا أتوا بسورة مثله ومن حين بعث وإلى اليوم الأمر على ذلك مع ما علم من أن الخلق كلهم كانوا كفارا قبل أن يبعث ولما بعث إنما تبعه قليل.
وكان الكفار من أحرص الناس على إبطال قوله مجتهدين بكل طريق يمكن تارة يذهبون إلى أهل الكتاب فيسئلونهم عن أمور من الغيب حتى يسألوه عنها كما سألوه عن قصة يوسف وأهل الكهف وذي القرنين كما تقدم وتارة يجتمعون في مجمع بعد مجمع على ما يقولونه فيه وصاروا يضربون له الأمثال فيشبهونه بمن ليس مثله لمجرد شبه ما مع ظهور الفرق فتارة يقولون مجنون وتارة يقولون ساحر وتارة يقولون كاهن وتارة يقولون شاعر إلى أمثال ذلك من الأقوال التي يعلمون هم وكل عاقل سمعها أنها افتراء عليه.
فإذا كان قد تحداهم بالمعارضة مرة بعد مرة وهي تبطل دعوته فمعلوم أنهم لو كانوا قادرين عليها لفعلوها فإنه مع وجود هذا الداعي التام المؤكد إذا كانت القدرة حاصلة وجب وجود المقدور ثم هكذا القول في سائر أهل الأرض. فهذا القدر يوجب علما بينا لكل أحد بعجز جميع أهل الأرض عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن بحيلة وبغير حيلة وهذا أبلغ من الآيات التي يكرر جنسها كإحياء الموتى فإن هذا لم يأت أحد بنظيره وكون القرآن أنه معجزة ليس هو من جهة فصاحته وبلاغته فقط أو نظمه وأسلوبه فقط ولا من جهة إخباره بالغيب فقط ولا من جهة صرف الدواعي عن معارضته فقط ولا من جهة سلب قدرتهم على معارضته فقط بل هو آية بينة معجزة من وجوه متعددة من جهة اللفظ ومن جهة النظم ومن جهة البلاغة في دلالة اللفظ على المعنى ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك.
ومن جهة معانيه التي أخبر بها عن الغيب الماضي وعن الغيب المستقبل ومن جهة ما أخبر به عن المعاد ومن جهة ما بين فيه من الدلائل اليقينية والأقيسة العقلية التي هي الأمثال المضروبة كما قال تعالى: " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً ".
وقال تعالى: " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً".
وقال: "وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ".
وكل ما ذكره الناس من الوجوه في إعجاز القرآن هو حجة على إعجازه !ولا تناقض في ذلك بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له..."
انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله
______________________________________
فالقرآن نفسه دليل على وجود الخالق فهو ليس من جنس كلام البشر ولا الجن فهو كلام من هو بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير قال تعالى (قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) ولذلك لم يستطيع أحد ان يأتى بسورة من مثله ولن يستطيع أحد لأنه كلام الله ...وعلى سبيل التوضيح للإختلاف بين القرآن وبين كلام الإنس والجن أضرب على ذلك أمثلة
1- القرآن به الحجج العقلية التى ترد كل شبهة الى يوم القيامة (والتى تبين كل أصول الدين) لأناس مختلفة فى أماكن مختلفة فى أزمنة مختلفة لا تتناقض فهذا ليس من جنس المنطق والفلسفة البشرية وأن حججه العقلية شاملة قاطعة لكل شبهة وهذا يستحيل أن يكون من علم وحكمة بشر فها هىالفلسفة فى تخبط وتناقض وصعوبة بالغة فى الاسلوب لا تكاد تفهم الا من متخصص ولا تؤدى الغرض فى النهاية أذا جمعت ما قالهالفلاسفة من أول الخليقة الى الآن فلن يخرج بالعلم المطلوب فى قضايا الإيمان ولا يتعرض كل فيلسوف الا للأفكار التى فى زمانه وبيئته أو ما سبقه من الأزمنة
2-تشريعاته ليست من جنس تشريعات البشر لاتتناقض من وجه ولا يأتى على الناس زمان ولا مسألة لا يجدون فى الشريعة حكمها ثم تذكر أيضا أن الله قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) وقال (اليوم أكملت لكم دينكم) فعلم الله أن هذه الأحكام فى القرآن والسنة ستبقى كاملة مع أن النبى صلى الله عليه وسلم مات والقرآن غير مكتوب والسنة كذلك
3- تأثيره فى القلوب ليس من جنس تأثير الشعر الذى يمل بالتكرار انما أثره الذى يعرفه كل مسلم مؤمن هو دليل يوضح أنه ليس من جنس كلام البشر فبعد أن بين الحق وأذهق كل باطل بما لا يقدر عليه أحد الا العليم الحكيم يفترض أن الأمر انتهى عند ذلك فمن أبصر واستيقن لن يضل فإذا بالقرآن يأمر بأشياء كالصلاة والصيام وصلة الأرحام وكفالة الأيتام ويخبرك أن ايمانك يزيد بذلك فما علاقة هذه الأشياء بفكرة فى ذهنك ؟؟؟
ثم ينهى عن أشياء كالزنى والكذب والربا والسرقة وسوء الخلق وعقوق الوالدين ويحذرك أن ايمانك ينقص إذا فعلت ذلك فيقع هذا والمسلمون جميعا يشهدون على ذلك ويشعرون بزيادة الايمان ونقصه وهذا احساس لا يمكن أن يختلط على صاحبه فهو كالرى بعد العطش والشبع بعد الجوع بل كالحياه بعد الموت كما قال تعالى (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ثم يخبرك أن من أعرض حتى عوقب بالحرمان من الايمان وكان من أذكى الناس فلن يبصر الحقائق والبراهين بعد ما علم الحق وظهر له وربما تجده يموت فى النهاية فى سبيل بقرة يعبدها
4- اخباره بالغيب ليس من جنس الكهانة التى من لوازمها الكذب
هل لو أن شخصا أراد معارضة سورة العصر فغير كلمة إلا الذين آمنوا وعمل الصالحات ووضع كلمة إلا الذين صدقوا بالتطور مثلا فهل يكون بذلك عارض القرآن وأتى بمثله ؟
 الجواب لا لان القرآن ليس حروفا مرصوصة بجوار بعضها البعض وإنما الكلام لفظ ومعنى ولا يمكن الفصل بينهما فإن كان نظم وبلاغة القرآن أعجزت البلغاء والفصحاء ولم يحاور المعارضة إلا الجهال فأيضا المعنى أعجز العقلاء فلامعنى الذى تشير إله السورة مثلا هو العدمية والتى لا مفر منها أبدا إلا برسالة سماوية صحيحة مستندة إلى أدلة وإلا فكل ما يفعله الإنسان نهايته لا شيء فكل ما يفعله يصير ترابا فى النهاية فلا غاية أبدا من فعله ولا من فعل غيره إلا بحياة أبدية ليست فى مقدور أحد غير الحى القيوم الذى هو على كل شيء قدير فيبقى الكلام بلا معنى مهما بدلت الكلمات فإن كانت السورة تتكلم عن حجة دامغة يحتاجها الإنسان ليرى الحق فلن تجد أبدا من يأتى بمثلها وإن حاول تقليدها سقط فى تناقض مع قصده بالمعارضة لأن حجج القرآن مترابطة وكل منها يقتضى الأخرى فأدلة وجود الله وأدلة حكمته وكماله وعلمه ورحمته تقضتى الحساب والثواب والعقاب وإرسال الرسل وتكذيب الكذابين ممن ادعى ذلك وليس نصرته وما إلى ذلك فحجته ليست من جنس حجج البشر فى عمقها وسهولتها وترابطها وخلوها من أى مقتضى باطل وأوامره ونواهيه ليست ليست من جنس أوامر ونواهى البشر لأنك تستشعر أثرها من زيادة الإيمان ونقصه وأخباره بالغيب ليست من جنس الكهانة التى تخطئ وتصيب وتأتى بكلمة صدق ومائة كذبة فى نفس الخبر وهكذا والله أعلى وأعلم
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate