الاثنين، 25 أغسطس 2014

ما هو التعقيد الغير قابل للإختزال ؟


إذا كانت نظرية التطور مبنية على تصور أن هذه الوظائف المعقدة الموجودة فى الكائنات الحية جاءت بشكل تدريجى عبر بلايين السنين وأنه تم انتخاب كل شيء صالح أثناء هذه الفترة فتراكمت هذه الصلاحيات حتى وصلت الى هذا التعقيد الذى نشاهده والذى يقوم بكل هذه الوظائف الحيوية فى الكائنات الحية فلاشك أن هذا التصور ينهار إذا وجدنا فى الكائنات الحية وظائف غير قابلة للاختزال وهذا ما أقر به داروين نفسه فى كتابه أصل الأنواع حيث قال
(إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يرجح أن يكون قد تكون عن طريق تحولات عديدة ومتوالية وطفيفة ، فسوف تنهار نظريتي انهيارا كاملا )
ومعنى أن هذا العضو معقد تعقيد غير قابل للإختزال أى أنه :
1- الوظيفة التى يقوم بها لا وجود لها قبل أن تجتمع كل الأجزاء التى يتكون منها هذا الشيء
2- لو فقد جزء واحد تلاشت الوظيفة بالكلية
فهذا الشيء عندما يوجد تعلم يقينا أن هناك من صممه وركبه لأن الوظيفة التى يؤديها والتى هى السبب فى الإبقاء عليه (من وجهة النظر الداروينية المادية ) لا وجود لها بشكل جزئي فلو كان العضو مكتمل بنسبة 99% لكانت الفائدة منه صفر ولكان عاجزا تماما عن أداء الوظيفة التى وكلت به مثل الأجهزة الحديثة المعقدة التى لو قطعت منها سلك أو أخرجت منها جزء صغير فسدت بالكلية فهذه الأجهزة لا يمكن تصور تكونها بشكل تدريجى نتيجة تراكم الصلاحيات والمنافع التى يمكن تحصيلها من أشكال منها أولية التركيب فمثلا المصعد الكهربائى وظيفته حمل الناس من الأدوار العلوية إلى السفلية أو العكس وهذه الوظيفة لا يمكن تحقيقها قبل أن تجتمع كل أجزاء المصعد من أسلاك وأحبال ومحركات والصندوق الكبير الذى يدخله الناس ويكون كل شيء من هذه الأشياء فى موضعه بالضبط وموصلا بمصدر الطاقة وكل هذا يجب أن يحدث أولا قبل أن يتحرك المصعد سنتيمترا واحدا أما لو أحضرت ربع المكونات الأساسية للمصعد أو نصفها مثلا فلن تتمكن من استخدام المصعد لطابقين أو ثلاثة حتى تكمل باقى الأجزاء الناقصة ولذلك فهذا تعقيدا غير قابل للإختزال ولا يمكن تكونه بشكل عشوائى بدون علم و لا حكمة ولا غاية
فى حين أن العضو أو الشيء المعقد تعقيدا يمكن اختزاله لا يحتاج الى مصمم ويمكن أن يتكون بالصدفة وتراكم صلاحيات أجزائه لأن كل جزء من أجزائه يحمل نفس الوظيفة التى يحملها هذا التعقيد المختزل في النهاية لكن بمقدرا أقل وإلا لما وجد الانتخاب الطبيعى سببا لانتخاب تلك الأجزاء والتدريج يفيد فقط فى زيادة مقدرا الوظيفة وبالمقارنة مع مثال المصعد الكهربائى فهنا يكون الدرج فأنت إذا كان عندك درجة واحدة فقد حققت منفعة لأنها سترفعك بمقدار ارتفاع هذه الدرجة من درجات الدرج ولو أحضرت ربع عدد درجات الدرج المطلوب لمبنى مكون من عشرة طوابق لانتفعت بها ولاستطعت الصعود والهبوط عليها إلى طابقين أو ثلاثة مثلا بخلاف المصعد الذى لا يمكن الإنتفاع به بأى نفع إلا بعد اكتمال كل أجزائه فطريقة الدرج هذه هى التى تتبناها الداروينية فى تحصيل المنافع بشكل تدريجى بسيط لتحقيق الوظائف المطلوبة وتنهار إذا لم تستطع تعميم هذا الاسلوب على كل الوظائف الموجودة فى الكائنات الحية 
والحقيقة أن كثير جدا من الوظائف الحيوية هى تعقيد غير قابل للإختزال كالسوط البكتيرى وتخثر الدم وتشفير الحمض النووى وتنظيم الجهاز المناعى وغير ذلك الكثير فما كان من الدراونة إلا أن اخترعوا فكرة التكيف المسبق وقالوا أن كل هذه الأعضاء المعقدة تعقيدا غير قابل للإختزال صحيح لم يكن لأجزائها أى قدر من الوظيفة التى سيؤديها العضو في النهاية بعد اكتمال كل أجزائه لكن كان لها وظائف أخرى زالت وتطورت واندمجت فى الوظيفة النهائية التى نعرفها للعضو فمثلا لو طبقنا هذه الفكرة على المصعد الكهربائى فسينتج لنا مسرحية هزلية لا مكان لها سوي أفلام الرسوم المتحركة التى يشاهدها الأطفال لأننا سنطلق لخيالنا العنان و سنفترض أن كل أجزاء المصعد تجمعت فى هذا المكان وتركبت التركيب الصحيح بدون قصد تركيب مصعد كهربائى وإنما كان هناك أغراض مختلفة تماما عن ذلك فمثلا الأحبال الصلبة المتدلية من سطح المبنى حتى أسفله قد أحضرها لص ليسرق احدى الشقق


 وقد أحضر بكرات قوية تدور حولها تلك الأحبال ليرفع عليها خزينة كبيرة سيسرقها من دخل الشقة وهذه الخزينة كأنها غرفة صغيرة تسع بداخلها شخصين أو ثلاثة وفى نفس الوقت كان بالمبنى المجاور شخص نذر لله نذرا أنه لو تحقق له الأمر الفلانى فسوف يشترى محرك مصعد كهربائى ويتسلل للمبنى المجاور ليلا ويضعه فى المكان المجوف وسط المبنى الذى تتحرك خلاله المصاعد ولحسن الحظ كان هناك شخص وضع فى هذا المكان محولات كهربائية وتوصيلات لإضاءة المبنى وإقامة حفلة سيحضرها كل سكان المبنى وأثناء اخراج اللص للخزينة تعثرت قدمه فسقطت الخزينة على المحرك واختلطت الأسلاك وشغلت المحولات وشدت الأحبال وتكون مصعد كهربائى بدائى يمكن أن يطوره سكان المبنى فيما بعد و يمكنه الصعود والهبوط بالرغم من أنه تعقيد غير قابل للإختزال وذلك حدث لأسباب وأغراض أخرى مختلفة تماما عن غرض تكوين مصعد كهربائى ...هذا هو منطق الداروينية التى واجهت به فكرة التعقيد الغير قابل للإختزال للدكتور مايكل بيهى الذى عرضها فى كتابه الشهير صندوق داروين الأسود فمن كان لا يري بأسا فى قصة اللص و المصعد الكهربائى هذه فيمكنه أن يكون داروينيا بجدارة ومن كان يرى هذه الطريقة التى عارضوا بها التعقيد الغير قابل للإختزال طريقة سفيهة لا يمكن أن يتبناها أو يصدقها عاقل فهو متهم من قبل الدراونة بأنه غير عقلانى ويؤمن بخرافات وأساطير الأولين بل ينبغى تجريم هذه الطريقة فى التفكير وتقديم مايكل بيهى و زملائه للمحاكمة كما حدث فى محاكمة دوفر الشهيرة والتى حكم فيها القاضى بمنع تدريس نظرية التصميم الذكى وفى المقابل يرى الدراونة أن التكيف المسبق (قصة اللص والمصعد الكهربائى) طريقة علمية رصينة يمكن أن نعتمدها فى تفسير كل تعقيد غير قابل للإختزال , فهذه هى العقلية الدراوينية السخيفة عندما تتعامل مع الأزمات التى تفضحها
التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate