الأحد، 4 نوفمبر 2018

صناعة الحساء الكوني مع ستيفن هوكينج.

صدر حديثا كتاب مجمع من أرشيف ستيفن هوكينج يحمل اسم الإجابات المختصرة عن الأسئلة الكبرى.
و هو تجميع لأفكار هوكينج من خلال كتاباته السابقة و لقاءاته و أشرف على تحرير هذا الكتاب ابنته و أصدقاءه . و حقق الكتاب مبيعات كبيرة حتى الآن.

الفصل الأول منه بعنوان هل الله موجود؟ و الثاني عن نشأة الكون. و هناك فصول أخرى قد أتطرق لها فيما بعد .

هوكينج يقول في الكتاب  أنه يؤمن بالعلم و أن القوانين الفيزيائية يمكنها أن تفسر لنا كيف نشأ الكون بدون الحاجة لوجود خالق. و أن ثبات القوانين لا يدع مجالا لتدخل الخالق. و أن الناس آمنت بالأديان لأنها مريحة و سهلة و ليس لأنها حقيقة و ينفرون من التفسيرات العلمية لأنها صعبة و معقدة . و عرج على سيناريو الخلق وفقا للقس جيمس أوسهر و أن لحظة البداية كانت 22 أكتوبر سنة 4004 قبل الميلاد الساعة السادسة مساء. و سيناريو الخلق عند القبائل البدائية في وسط أفريقيا التي تقول أن الإله بومبا تقيأ الشمس ثم الأرض ثم القمر ثم سائر الكائنات الحية لأنه كان مصاب بالمغص.
و عرض في المقابل النظر العلمية وفقا للنظريات الفيزيائية الحالية على شكل طبخة و كانت المقادير هي :
1-مادة
2-طاقة
3-فضاء
و هذا كل ما تحتاجه لصناعة كون بأكمله. و بما أن اينشتاين أثبت أن المادة هي الطاقة و الطاقة هي المادة إذن فنحن نحتاج إلى مكونين فقط هما الطاقة و الفضاء . و لأنك إذا حفرت حفرة في الأرض فسيقابل ذلك صناعة تل صغير فوق الأرض. فالمادة التي تمثل الطاقة الموجبة لو وجدت سينتج في مقابلها الطاقة السالبة التي يستوعبها الفضاء أو نسيج الزمكان  و سيكون هذا على هيئة قوة الجاذبية.. و لو وجدت الجاذبية فستجد المادة فلا انفكاك من هذا التلازم .
و قد علمنا أن نسيج الزمكان وجد بسبب الانفجار العظيم لكن من أين جاء الانفجار نفسه و من أين أتت الطاقة ؟
هنا ذكر هوكينج أن الكون في اللحظات الأولى كان في حجم الجسيمات دون الذرية مثل البروتون و أن النظرية النسبية العامة تنهار بالقرب من لحظة الانفجار العظيم و لذلك فينبغي علينا  تطبيق قوانين الكم هناك - رغم أننا لا نملك حتى هذه اللحظة نظرية تدمج الكم بالنسبية العامة- لكنها محاولات تقريبية. الحاصل أنه ذكر أن ميكانيكا الكم تسمح بظهور الجسيمات الافتراضية من العدم و بدون سبب. و بالتالي فلو طبقنا هذا على الكون فستكون القوانين الطبيعية كافية لتفسير وجود الكون بدون الحاجة لخالق.
ثم تساءل لماذا لا نقول أن الله هو الذي وضع قوانين الكم و غيرها من القوانين التي أنشأت الكون؟
و أجاب بأن هذا غير ممكن لأنه لا يوجد وقت قبل الانفجار العظيم لكي يخلق الله الكون فيه (فالله عند هوكينج يحتاج إلى الوقت ليخلق أما القوانين فلا تحتاج إلى وقت!! ) و ذكر أن الثورة التي جاء بها اينشتاين غيرت مفهومنا عن الزمان و المكان فلم يعد الزمان بهذا الشيء المطلق الذي يجري بشكل مستقل عن المكان و المادة و الطاقة. و إنما أصبح الزمان شيء يتشوه و يتغير معدل تدفقه حسب عوامل فيزيائية. فكما أن الثقب الأسود يشوه مسار الضوء فيجعله يعود للخلف و لا يمكنه الإفلات من الثقب الأسود فنفس الشيء يحدث مع الزمن و لو سقطت ساعة في ثقب أسود فستظل تدق ببطء أكثر فأكثر حتى تقف بالكلية. ليس لأنها تحطمت و لكن لأن الزمن نفسه يتوقف داخل الثقب الأسود. و نفس الظروف كانت في المتفردة التي يبدأ منها الانفجار العظيم.
و لذلك فما تساءل عنه إيمانويل كانط و غيره من الفلاسفة حين قال:
إذا كان الكون أزلي فكيف وصلنا للحظة الحاضرة و بيننا و بين الأزلية زمن لا نهائي. و إذا كان الكون حادث فماذا كان يفعل الله منذ الأزل و لماذا خلق الكون في تلك اللحظة دون غيرها ؟
لم يعد له الآن وجه - و ان كان كانط انتهى بهذه التساؤلات إلى أزلية الكون - لأنه وفقا للفيزياء فإن الزمن وجد مع بداية الكون بعد الانفجار العظيم و قبل ذلك لم يكون هناك شيء اسمه زمن فالسؤال عما كان قبل الانفجار العظيم لا معنى له.  فليس هناك زمن قبل الانفجار لكي يخلق الله فيه الكون.

هكذا عرض هوكينج طبخته الكونية و عرض أيضا نموذجه مع جيمس هارتل و استخدامهم لنظرية فاينمان لمحاولة دمج النسبية العامة بالكم.
و الرد على هذا كله عرضته في الفصل الثاني من كتابي اختراق عقل لكنني أعلم أنه بصدور كتاب هوكينج هذا فسيعاد تدوير الشبهات مرة أخرى و كأنه لم يكتب عليها قبل ذلك ردودا موثقة بأبحاث علمية - توضح ما الذي يجري حقيقة في ميكانيكا الكم - و بتناول شامل لمفهوم السببية و استقلاليتها عن الزمن و انطباقها على مفهوم القوانين نفسه و استحالة كفاية هذه القوانين بنفسها في قيام و نشأة الكون و دلالتها القطعية على وجود خالق قائم بنفسه.
هذا هو الفصل الثاني لمن أراد الاطلاع عليه

https://drive.google.com/file/d/0B4taAiHOh4v3MWhIR1ZlS2hYN3c/view?usp=sharing

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

Translate